وبنو عوال وعبد بن ثعلبة هؤلاء هم بطن من غطفان تلك القبيلة الجبارة العاتية التي كانت قد ساندت اليهود وقريشا عمليًّا في غزوة الأحزاب التي استهدف اليهود من ورائها محو الكيان الإِسلامي من الوجود.
فقد كانت تلك القبائل الوثنية المتوحشة أكبر عون في ذلك العدوان المخيف الذي شنته أحزاب الكفر (من اليهود القرشيين) على المسلمين في المدينة عام الأحزاب (السنة الرابعة من الهجرة).
حيث كانت قبائل (غطفان) -التي منها بنو عوال وعبد بن ثعلبة- تشكل أهم الأجنحة في القوات المرتزقة التي استأجرها اليهود لتكون العمود الفقرى في ذلك العدوان الآثم الذي دبره الإسرائيليون وخططوا له في خيبر. قاصدين من ورائه إبادة المسلمين وقطع تيار دعوة الإسلام. ليعود هؤلاء اليهود (على أنقاض الكيان الإِسلامي) سادة ليثرب وحكامًا عليها.
وكانت حملة المسلمين هذه إلى الميفعة بقيادة غالب بن عبد الله الليثي (١) الذي أسند إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بعد اقتراح تقدم به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسار مولاه.
وكان عدد رجال هذه الحملة مائة وثلاثين رجلًا .. وكان دليل هذه الحملة الكبيرة يسار مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي سلك بهم طريقًا طويلًا غير معروف. حتى تعبوا وكادوا أن يهلكوا لأن أذوادهم قد نفدت قبل أن يصلوا إلى ديار العدو.
وقد خالطهم لذلك الشك في يسار وساورهم القلق في أن يكون جاسوسًا تظاهر بالإِسلام. وجاء بهم ليوقعهم في كمين لغطفان. غير أن ظنونهم سرعان ما تبددت عندما وصل بهم يسار إلى ديار القوم على حين غفلة منهم. وساهم مساهمة كبرى بحنكته ودهائه في أخذهم بغتة دون أن يشعروا، الأمر الذي مكن غالبًا ورجاله من الفتك بهم واجتياح ديارهم دون أن يتمكنوا من المقاومة.
(١) هو غالب بن عبد الله الكناني الليثي ثم الكلبي كان من قادة الجيوش في العهد النبوي. وهو الذي كان على مقدمة الجيش يوم الفتح، عاش طويلًا. تولى إمارة خراسان في عهد معاوية. شهد معركة القادسية وهو الذي قتل هرمز ملك الباب في أرمينيا.