للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث كان هجوم المسلمين ناجحًا إلى أبعد الحدود .. فبالرغم من كثرة عدد رجال العدو. وكونهم من القبائل النجدية العنيدة المعروفة بالشراسة في القتال. فقد كان همهم الوحيد أن ينجوا بأنفسهم إلى الجبال.

وقد تمكن غالب ورجاله من قتل عدد كبير من أشرافهم. كما نجح غالب في الاستيلاء على أكثر مواشيهم. إلا أن أحدًا من هؤلاء المشركين لم يقع أسيرًا في أيدى رجال غالب الليثي. قال الواقدي يصف هذه الحملة: قال يسار مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله إني قد علمت غرَّة من بني عبد بن ثعلبة، فأرسل معى إليهم، فأرسل معه النبي - صلى الله عليه وسلم - غالب بن عبد الله الليثي في مائة وثلاثين رجلًا. خرج بهم يسار، فظعن بهم في غير الطريق حتى فنيت أذوادهم وجهدوا، واقتسموا التمر عددًا فبين القوم ذات ليلة بعدما ساء ظنهم بيسار، وظن القوم أن إسلامه لم يصح، وقد انتهوا إلى مكان قد فحصه السيل (حفرة)، فلما رآه يسار كبر. قال: والله قد ظفرتم بحاجتكم، اسلكوا في هذا الفحص حتى ينقطع بكم، فسار القوم فيه ساعة بحس خفي لا يتكلمون إلا همسًا. حتى انتهوا إلى ضرس من الحرة، فقال يسار لأصحابه: لو صاح رجل شديد الصوت لأسمع القوم، فارتأوا رأيكم، قال غالب: انطلق بنا يا يسار أنا وأنت، وندع القوم كمينًا، ففعلا. فخرجنا حتى إذا كنا من القوم بمنظر العين سمعنا حس الناس والرعاء والحلب، فرجعا سريعين فانتهيا إلى أصحابهما -فأقبلوا جميعًا حتى إذا كانوا من الحى قريبًا- وقد وعظهم أميرهم غالب ورغبهم في الجهاد ونهاهم عن الإِمعان في الطلب وألَّف بينهم -فقال إذا كبرت فكبّروا، وكبروا جميعًا معه، ووقعوا وسط رحالهم فاستاقوا نعمًا وشاءا وقتلوا من أشرافهم، وصادفوهم تلك الليلة على ماء يقال له: "الميفعة قال: واستاقوا النعم فحدروا إلى المدينة، ولم يسمع أنهم جاءوا بأسري اهـ .. وقال ابن سعد في طبقاته: والميفعة وراء بطن نخل إلى النقرة قليلًا بناحية نجد. وبينها وبين المدينة ثمانية برد .. (١).


(١) البرد جمع بريد. قال في مختار الصحاح .. البريد اثنا عشر ميلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>