وقال الأشخر اليمنى في بهجة المحافل "ج ١ ص ٣٩٠": روينا في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر. قال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة، وقال: إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة. قال عبد الله: كنت معهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا في جسده بضعا وتسعين ما بين طعنة ورمية، وكان من خبرهم في غزوتهم أنهم لما بلغوا "معان" بلغهم أن هرقل نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من المستعربة -لخم وجذام والقين وبهراء وبلى- وكان المسلمون ثلاثة آلاف، فتشاوروا أن يراجعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأمرهم بأمره فشجع الناس عبد الله بن رواحة. وقال: يا قوم إنما هي إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة. فقال الناس: صدق عبد الله فمضوا حتى التقوا بمؤتة.
وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى "ج ٢ ص ١٢٨": فلما فصلوا "أي المسلمون" سمع العدو بمسيرهم فجمعوا لهم وقام فيهم شرحبيل بن عمرو، فجمع أكثر من مائة ألف وقدّم الطلائع أمامه، وقد نزل المسلمون "معان" من أرض الشام وبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام. فأقاموا ليلتين لينظروا في أمرهم وقالوا: نكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنخبره الخبر، فشجعهم عبد الله بن رواحة على المضى، فمضوا إلى مؤتة ووافاهم المشركون فجاء ما لا قبل لأحد به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب فالتقى المسلمون والمشركون.
وقال الواقدي: في كتابه الغازى "ج ٢ ص ٧٥٩": ومضى المسلمون من المدينة، فسمع العدو بمسيرهم قبل أن ينتهوا إلى مقتل الحارث بن عمير. فلما فصل المسلمون من المدينة سمع العدو بمسيرهم فجمعوا الجموع. وقام فيهم رجل من الأزد يقال له شرحبيل، بالناس. وقدم الطلائع أمامه، وقد نزل المسلمون وادي القرى، وأقاموا أياما، وبعث أخاه سدوس، وقُتل سدوس وخاف شرحبيل بن عمرو فتحصن، وبعث أخا له يقال له وبر بن عمرو. فسار المسلمون حتى. نزلوا أرض "معان" من أرض الشام. فبلغ الناس أن