للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشجع الناس عبد الله بن رواحة، وقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتى خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة لا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا بنا فإنما هي إحدى الحسنيين. إما ظهور وإما شهادة. قال: فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة. فمضى الناس. فقال عبد الله بن رواحة في محبسهم ذلك.

جلبنا الخيل من أجأ وفرع ... تغرّ من الحشيش لها العكوم (١)

حذوناها من الصوان سبتا ... أزلّ كأن صفحته أديم (٢)

أقامت ليلتين على معَان ... فأعقب بعد فترتها جموم (٣)

فرحنا والجياد مسومات ... تنفس في مناخرها السموم (٤)

فلا وأب مآب لنأتينها ... وإن كانت بها عرب وروم (٥)

فعبأنا أعنتها فجاءت ... عوابس والغبار لها بريم (٦)

بذى لجب كأن البيض فيه ... إذا برزت قوانسها النجوم (٧)

فراضية المعيشة طلقتها ... أسنتها فتنكح أو تئيم (٨)


(١) أجأ: أحد جبل طي، والآخر سلمى، وفرع (بفتح الفاء وسكون الراء): موضع من وراء الفرك. وقال ياقوت: الفرع أطول جبل بأجأ وأوسطه. وتغر: تطعم شيئًا بعد شيء. والعكوم: جمع عكم (بفتح العين) وهو الجنب.
(٢) حذوناها. قال أبو ذر: جعلنا لها حذاء؛ وهو النعل. والصوان حجارة ملساء واحداتها صوانة. والسبت: النعال التي تصنع من الجلود، يصون حوافرها.
(٣) فترتها (أي ضعفها) وفترت الرجل، إذا أصيبت بالخدر. الجموم: اجتماع القوة والنشاط بعد الراحة.
(٤) مسومات: مرسلات. والسموم (بفتح السين): الريح الحارة.
(٥) مآب: اسم مدينة في أطراف الشام ناحية الجنوب من نواحى البلقاء.
(٦) قال أهل اللغة: البريم (بفتح الباء كسر الراء) هو في الأصل: خيطان أحمر وأبيض تشدهما المرأة على وسطها وعضدها، وكل ما فيه لونان مختلفان فهو بريم أيضًا. يريد ما علا الخيل من غبار فخالط لونه يونها.
(٧) ذي لجب: أي جيش: واللجب اختلاط الأصوات وكثرتها، والبيض ما يوضع على الرأس من الحديد للحرب، والقوانس جمع قونس، وهو أعلى البيضة.
(٨) تئيم: تبقى دون زوج. يقال: آمنت المرأة إذا لم تتزوج. كذا قال أبو ذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>