للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحارب الشهير خالد بن الوليد الذي لم يمض على دخوله في الإسلام سوى ثلاثة أشهرا فقط.

ولذلك صاح ثابت بن أقرم (الذي رفع لواء الجيش من الأرض) بخالد: خذ اللواء يا أبا سليمان. فقال: لا آخذه أنت أحق به. أنت رجل لك سن.

فقال ثابت: خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك (١). أنت أعلم بالقتال منى (٢). وأيد وجوه الجيش وزعماء القبائل فيه فكرة تولى خالد بن الوليد القيادة. وحثوه على ذلك. لإنقاذ الموقف التدهور الذي بات يهدد أفراد الجيش بالإبادة.

ولم يسع المحارب البطل والقائد الفذ خالد بن الوليد إلا أن يستجيب لرغبة وجوه الجيش ويحققها. فقبل أن يتحمل مسؤولية القيادة. فحمل اللواء من ثابت بن أقرم. فأصبح قائدًا عامًا للجيش.

لقد كان اختيار خالد بن الوليد قائدًا للجيش (في تلك الساعات الحرجة) اختيارًا موفقا. لأن خالدًا -بالإضافة إلى كونه محاربا ممتازا شجاعا لا يشق له غبار- كان قمة في السياسة العسكرية والمهارة القيادية في حالتي الهجوم والدفاع. وقد أثبت ذلك (عمليا) وخاصة بعد أن دان بالإسلام وقاد الجيوش في أعنف المعارك .. مما جعله في مقدمة عظماء قادة العالم. ولقد أنقذ الجيش الإسلامي في مؤتة من التدمير، بعد الهزيمة المنكرة التي نزلت به عقب مصرع قادته الثلاثة.

فقد أعاد خالد (أولًا) للجيش التنظيم الذي فقده، ثم أعاد بمهارته إلى هذا الجيش ثقته بنفسه، وبعد ذلك شن به هجوما معاكسا على الرومان


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٦٢.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>