(طينة البشر). تكون فيها (عادة) الغلبة والنصر للأكثر عددًا والأجود تسليحًا والأحسن تدريبًا والأكثر علمًا بفنون الحرب. وكل هذه العناصر المطلوب توفرها لكسب النصر الساحق. كانت متوفرة لدى قيادة الجيش الروماني الذي تصادم مع جيش الإِسلام في مؤتة.
ولكن جيش الإِسلام الصغير في (مؤتة) قلب موازين النظريات العسكرية التقليدية التي تقول: إنه - لكي تضمن القيادة النصر - يجب إعداد المحارب إعدادًا ماديًا كاملًا من حيث التسليح والتدريب والإِلمام بالعلوم العسكرية وفنونها (تكنولوجيًا) والتفوق في العدة والعدد.
فقد أثبت الصمود الرائع - الذي أبداه المسلمون في معركة مؤتة والذي يمكن. . نظرًا لعدم التكافؤ بين القوتين المتحاربتين وصفه بأنّه أعلى نموذج للنصر المؤزر -. أثبت أن التفوق في القوة المادية. بل وحتى العلوم والفنون العسكرية ليس هو كل شيء لكسب المعارك.
وإنما العامل الأساسي والأول لكسب النصر وتحقيق الأهدف في المعارك هو العقيدة الصحيحة السليمة.
وهذا هو الذي أثبتته عمليًّا وخلدته في سجل التاريخ - كحقيقة واقعة - أحداث معركة مؤتة التاريخية. . فمتانة العقيدة ورسوخها في نفوس الجيش الإِسلامي. قد أبطلت عامل التفوق الهائل لدى الجيش الروماني في معركة (مؤتة).
إذ جعلت العقيدة الإِسلامية - لا القوة الحربية لدى المسلمين - الجيش الروماني يبدو وكأنه مصاب بالشلل.
وإلا فما هو التفسير لصمود ثلاثة آلاف مقاتل في وجه مائتي ألف مقاتل سبعة أيام متوالية ثبت المسلمون خلالها. وظلوا يقاتلون الرومان فيها قتالًا شرسًا ضاريًا. موقفين تقدمهم ومنزلين بهم أفدح الخسائر.
وعندما قتل آخر قائد من قادة الجيش الإِسلامي الثلاثة ورجحت كفة الجيش الروماني وبدا وكأنه قد كسب المعركة نهائيًا. وأن إبادة هذا الجيش