للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - على غزو المشركين في مكة - منذ أن تبلغ نقضهم العهد بغدرهم بحلفائه من خزاعة (١) مستغلين هذا الصلح أبشع استغلال- إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - "مع هذا العزم الأكيد" رأى أن يلتزم جانب السرية المطلقة لكى لا تشعر به قريش إلّا وهو يدهمها بجيشه. فيستولى على مكة بأقل خسارة ممكنة في الأرواح. ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - فيما سمعه منه بعض خاصته -: اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعوا بنا إلا فجأة (٢). وقد حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل الحرص على أن تكتم أخبار الغزو عن المشركين في مكة. فاتخذ كل الإجراءات الكفيلة بذلك. فكتم الخبر حتى عن عامة أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقد دعا إلى الحشد والاستعداد للحرب. ولكن دون أن يحدد الجهة التي يقصدها حتى ذهبت بأصحابه التخمينات مذاهب شتى.

فمنهم من ظن (حين رآه يحشد قوات الإسلام) أنه يريد غزو الروم ومنهم من ظن أنه يريد هوازن وثقيف وظن ظان أنه يريد نجد.

ومع عدم إفصاح الرسول لأصحابه عن وجهته فقد استنفر كل قوات الإِسلام. فأرسل إلى سكان البوادى ومن حوله من المسلمين في كل ناحية يقول لهم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة (٣).

وقد استجاب أهل البادية للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقدمت المدينة من قبائل


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٩٢.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٢.
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>