للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابنه (١)، وأبدت القلة المؤمنة من الثبات أمام الكثرة الكافرة الغامرة الساحقة ما أنزل بالأخيرة الهزائم الفاضحة المدمرة كما في -بدر وأحد وخيبر-، أو الاندحارات المخزية والفشل الذريع كما حدث في غزوة الأحزاب.

وكانت قريش أكثر العرب عرضة لتجربة معطيات العقيدة الإِسلامية في كل مجالات الصراع المسلح، لهذا كان من البدهى أن يسيطر الرعب المزلزل عليها في مكة بعد أن علمت أنها مطوقة بعشرة آلاف من المسلمين يرابطون على مشارف مكة فكان استسلامها أمرًا إلا مفر منه بسبب الأمور التي ذكرنا. إنها العقيدة العامل الرئيسى في إزالة فكرة المقاومة من أذهان أهل مكة. إنهم لا يزالون يذكرون - عندما كانوا أكثر عددًا وأقوى عدة يوم بدر - لا يزالون يذكرون تقرير رجل استخباراتهم "عمير بن وهب الجمحى" حين استكشف لهم قوات المسلمين في ذلك اليوم التاريخي. حين قال لهم: إن المسلمين ثلاث مائة وأنتم ألف، ولكننى رأيت نواضح يثرب تحمل الموت الناقع فلن يطال الموت أحدًا منهم حتى يقتل رجلًا منكم على أقل تقدير، أو كما قال (٢).

"ب" أما بالنسبة لخطة الكتمان والمباغتة - وهي من أهم عوامل الانتصارات منذ فجر التاريخ حتى اليوم - فقد نجح الرسول فيها نجاحا باهرا - وإلى أبعد الحدود.

فقريش - بسبب إحكام خطة الكتمان - لم تعلم شيئًا عن تحركات الجيش النبوي حتى بات على مرمى الحجر من مكة المكرمة، فكان ذلك من أهم عوامل التعجيل باستسلام قريش وقبولها بالاقتراح القائل: أن تكون مكة مدينة مفتوحة، يسيطر عليها جيش الإسلام دونما أي قتال أو مقاومة، وقد كان ذلك ونفذ بكل دقة من كلا الجانبين، ما عدا جهة قطعات الفرسان التي يقودها خالد بن الوليد، والتي لقيت من المشركين


(١) ثبت يوم بدر الكبرى أن أبا بكر الصديق طلب من ابنة عبد الرحمن مبارزته (وكان مشركًا مع قريش ولكنه امتنع عن مبارزته.
(٢) انظر تصريحات عمير بن وهب لقيادة قريش يوم بدر في كتابنا "غزوة بدر الكبرى" في موطنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>