ولهذا لم يعد المسلمون - بعد حنين - بحاجة إلى تجريد قوات كثيفة لتوطيد دعاكم الإِسلام في الجزيرة - فما بقى للوثنية بعد حنين إنما هو جيوب صغيرة جرّد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على كل منها مفرزة صغيرة من أصحابه أنهت مقاومتها .. وغزوة تبوك الشهيرة التي قاد الرسول فيها بنفسه ثلاثين ألف مقاتل، إنما كانت لإرهاب الرومان الذين بلغه أنهم يحتشدون للإِغارة. على جزيرة العرب.
إن الجهد الذي يبذله الأخ الأستاذ محمد أحمد باشميل لإصدار هذه السلسلة التاريخية الثمينة (معارك الإسلام الفاصلة) جهد مشكور ينبغي أن يلقى حقه من التقدير والتشجيع.
إن الذي يتصفح هذا الكتاب وبقية الكتب من هذه السلسلة يدرك مدى الجهد المضنى الذي يبذله المؤلف لخدمة التاريخ الإسلامى، برفع الأتربة عن كنوز هذا التاريخ الذي يجب أن يهتم به ويقرأه - بتدبر وإمعان - شبابنا ليكون دليهم الهادي في طرق العزة والمجد والشرف والاستقامة.
فالتاريخ الإسلامى (وخاصة العهد النبوي) زاخر بروائع البطولات وأمثلة الفداء والنبل والشهامة، هذه الأمثلة التي عن طريقها دخل المسلمون التاريخ من أوسع أبوابه، وما أحوجنا نحن المسلمين والعرب خاصة (وخاصة في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا) إلى الإلمام بهذه الأمثلة والروائع من تاريخ أسلافنا الأماجد كى تكون لنا القدوة النافعة الصالحة، وتبتعد بنا عن مزالق شعارات المبادئ الهدامة المستوردة التي أضرّت بنا في مسيرتنا أكثر مما أضر بنا سلاح العدو العسكري.
لقد سلك الأخ الأستاذ باشميل في تحليلاته ودراساته التاريخية في هذا الكتاب - وفي بقية الكتب من سلسلته - مسلكًا قل الذين يسلكونه اليوم.
فمما يغبط عليه هو تركيزه في هذه السلسلة على الدقة في الدراسة والتحليل وإحالة القارئ بعناية، إلى المصادر التاريخية الرئيسية الكبرى،