للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحضارة وعظمة رجالها، حتى أَصبحوا لا يرون شيئًا جديرًا بالدرس وأَولى بالإِعجاب والتقدير إلا ما كان آتيًا عن أَوروبا، وأَوروبا وحدها.

والسبب في ذلك أَنهم (منذ تفتح أَعين عقولهم)، وطيلة مراحل التدريس لم يسمعوا ولم يقرأُوا في معرض تاريخ البطولات والمعارك والحضارات والتضحية والعلوم إلا عن معارك الطرف الأغر، ووقائع (واترلو) وبطولات انطونيو، وغرام كليوبترا، وشجاعة نابليون وثبات ولنجتون، وبسالة نلسون، ومغامرات كرستوف كولمبس، وحضارات الفراعنة، ومدنيات روما، وفلسفات اليونان، وصلاح سانت ماريا، وعفة جان دارك، وغير ذلك مما لا يجعلون معه أَي مكان في ذهن الطالب المسلم لما يجب أَن يعرفه عن تاريخ دينه، وأَخبار بطولات رجالاته، وشجاعة قادته، ونزاهة حكامه، وعدل خلفائه وإِشراق حضاراته وعظمة مدنياته ونباهة علمائه، وذكاءِ فلاسفته.

والأَغرب من هذا أَن هؤلاء الآثمين في حق التاريخ الإِسلامي، عندما يضطرون إِلى التحدث عن تاريخ الإسلام، يتجنبون ذكر الإِسلام كليًا، ويتحدثون عنه كتاريخ قومي مجرد وكأَنه قد بنته سواعد لا علاقة لها بهذا الدين البتة.

سأَلت (مرة) أحد هؤلاءِ الحائزين علي الشهادات العالية من تلك الجامعات، سأَلته عن معركة الصواري، فاستغرب هذا الاسم، وقال ضاحكًا، إنه لم يسمع بمعركة تحمل هذا الاسم الغريب.

بينما هذه المعركة تعد من أَهم المعارك البحرية الفاصلة في تاريخ حروب الإِسلام والإِمبراطورية الرومانية، فقد هزم الأسطول الإِسلامي الأُسطول الروماني في هذه المعركة شر هزيمة لم تقم بعدها للرومان

<<  <  ج: ص:  >  >>