المتمثلة في جلب النساء والأطفال والأموال مع الجند وتخلف أهم أجنحة هوازن المحاربة كعب وكلاب، طلب من وجوه هوازن وشيوخ عشائرها أن يفعلوا فعل كلاب كعب، فيعصوا مالكًا ويرجعوا إلى بلادهم قبل أن يصطدموا بالمسلمين فقال:"أطيعونى يا معشر هوازن، وارجعوا وافعلوا ما فعل هؤلاء" -يعني كعبًا وكلابًا- فأبت عليه هوازن (١).
وعندما لم تستجب شيوخ العشائر ووجوه القبائل في جيش هوازن لنداء دريد بن الصمة، الداعى إلى عصيان القائد مالك بن عوف، والرجوع بالجيش دون أن يلقى المسلمين، وحيث بان له أن القائد المتغطرس المستبد المغرور مصمم على محاربة المسلمين، بذل محاولة جديدة أراد بها تجنيب النساء والأطفال والأموال الهائلة الوقوع في أيدى جيش الإِسلام إذا ما كانت له الدائرة على هوازن.
فاستدعى القائد العام الشاب مالك بن عوف، وبعد أن سأله عن سبب إكرأهه الجيش على حمل نسائهم وأبنائهم وأموالهم معهم، وبعد أن سفَّه رأيش وشرح له خطورة ما أقدم عليه، تقدم إليه باقتراح وطالبه بتنفيذه إنقاذًا لكرامة هوازن التي لم يعد لدى الخبير المحنك (دريد) أدنى شك في أنها ستمسح في الوحل، إذا ما أصر القائد العام على الاستمرار في اصطحاب النساء والأطفال والاموال مع الجيش. وهذا الاقتراح يتلخص في أن يأمر القائد العام مالك بن عوف بإِعادة النساء والأطفال والأموال إلى رؤوس الجبال لينجو من الوقوع في الأسر إذا ما كان النصر للمسلمين في المعركة، وأن يلقى مالك المسلمين على ظهور الخيل ليتمكن جيش هوازن من الانسحاب بأقل خسارة ممكنة إذا ما دارت عليه الدائرة. لكن القائد المغرور مالكًا استكبر أيضًا هذه المرة ورفض الاستجابة لنصيحة الخبير (دريد بن الصمة).
فقد ذكر أصحاب المغازي والسير وأصحاب الحديث أن دريدًا بن الصمة قد أفزعه تصرف القائد مالك بن عوف عندما ساق مع الجيش نساءهم وأبناءهم وأموالهم، لأن ذلك (في نظر دريد كما هو في نظر كل قائد عسكرى