للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - وضع الكمائن

كان وادي حنين (كما وصفه المؤرخون) واديًا أجوف ذا منافذ مختلفة وشعاب عدة، وكان مالك لديه كل المعلومات الجغرافية عن هذا الوادي، ولهذا قرر أن يتبع خطة الكمائن لتكون ضربات هذه الكمائن أول ما يلاقيه المسلمون في الحرب.

وفي الحروب القديمة، بل وفي كل الحروب، ليس أضر على الجيوش من تعرضها لضربات الكمائن المفاجئة.

كان مالك بن عوف هو السابق إلى وادي حنين فاختار المكان المناسب لضخامة جيشه فعسكر فيه. وفي الليلة التي كانت صبيحتها معركة حنين، انتخب مالك بن عوف عدة مفارز من رجال هوازن الأشداء وذهب بهم في ظلام الليل إلى الشعاب والمضائق التي سيمر أمامها جيش النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهناك وزَّع مالك رجاله إلى عدة فصائل، نظمها على شكل كمائن، وبعد أن رتب هذه الكمائن ونظمها في ظلام الليل (زيادة في الكتمان) أصدر إلى قادتها الأوامر المشددة بأن يهاجوا المسلمين في عماية الصبح وقبل أن ينشر الفجر ضوءَه ليدخلوا بذلك الفوضى على صفوفهم ويبثوا الذعر في نفوسهم ويشتتوا شملهم ولا يتركوا لهم فرصة يعيدون فيها تنظيمهم.

وهذا ما حدث بالفعل, فكانت خطة الكمائن أنجع الخطط التي اتبعها مالك بن عوف في حربة ضد المسلمين، حيث نزلت بهم على أيدى الكمائن هزيمة منكرة كادت تكون ساحقة مدمرة لولا أن ثبَّت الله رسوله فثبت مكانه مع قلة من خلصاء أصحابه كان ثباتهم جميعًا سببًا في إعادة تنظيم المنهزمين وعودتهم إلى قلب المعركة بعد أن فروا منها كما سنرى فيما يلي من هذا البحث إن شاء الله.

٥ - البدء بالهجوم واتباع خطة المباغتة

كذلك كان ضمن خطة مالك بن عوف التي رسمها لمعركة حنين: البدء بالهجوم أي أن تكون هوازن آخذة بزمام المبادرة فتهاجم المسلمين قبل أن يهاجموها، لأن النصر يكون (غالبًا) كما صرح مالك بن عوف لمن يكون بادئًا بالهجوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>