للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرية) لقى من ضمن عسكر هوازن عشرة إخوة طلب كلهم المبارزة، فبرز الأول. فقال من يبارز؟ فبرز له أبو عامر الأشعري (وهو يقول: اللهم اشهد عليه) فقتله أبو عامر، ثم برز آخر فحمل على أبي عامر الأشعري (وهو يدعوه إلى الإِسلام، ويقول اللهم اشهد عليه) فقتله أبو عامر. ثم برز آخر من الإخوة العشرة فقتله أبو عامر، ثم جعلوا يحملون على أبي عامر رجلا رجلا ويحمل أبو عامر، وهو يقول: اللهم اشهد. حتى قتل تسعة. وبقى العاشر، فحمل على أبي عامر، وهو يدعوه إلى الإِسلام، ويقول: اللهم اشهد عليه، فقال الرجل (المشرك]): اللهم لا تشهد عليَّ، فكف عنه أبو عامر، فأفلت، أسلم بعد فحسن إسلامه. فكان رسول الله إذا رآه قال: هذا شريد أبي عامر.

وأثناء القتال رمى رجل من بني جُشَم أبا عامر بسهم فأثبته في ركبته، فانتهى إليه أبو موسى الأشعري فقال: من رماك يا عم؟ فأشار أبو عامر لأبي موسى إلى الرامى، فقال: إن ذاك قاتلى تراه ذلك الذي رمانى.

قال أبو موسى: فقصدت له فاعتمدته، فلحقته، فلما رآني ولى عني ذاهبا، فاتبعته، وجعلت أقول له.: ألا تستحى، ألست عربيًّا، ألا تثبت، فكر، فالتقيت أنا وهو، فاختلفنا ضربتين بالسيف، فضربته بالسيف ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت: قد قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء. فقال: يا بن أخي انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقرئه مني السلام، وقل له: استغفر لي، واستَخلفَني أبو عامر على الناس، فمكث يسيرًا ثم مات، فرجعت فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته على سرير مرّمل وعليه فراش، قد أثّر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقوله: قل له: استغفر لي، قال فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال: (اللهم اغفر لعبيد أبي عامر) ورأيت بياض إبطه، ثم قال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك أو من الناس، قال أبو موسى فقلت: ولى فاستغفر، فقال: (اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلًا كريمًا) (١).


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٣٩ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٩٩ - و ١٠٠ وتاريخ الطبري ج ٣ =

<<  <  ج: ص:  >  >>