للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبيرة. وأبلغ سعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باجتماع الأنصار. فحضر إليهم. وجاء رجال من المهاجرين فردّهم لأنه يريد الاجتماع خاصة بالأنصار.

وقد دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأنصار المجتمعين والغضب يعرف في وجهه، ثم ألقى فيهم كلمة قال فيها (بعد أن حمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله): يا معشر الأنصار مقالة بلغتنى عنكم وجَدَة (١) وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضلالًا فهداكم الله، وعالة (٢) فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بلى، الله ورسوله أمنُّ وأفضل، قال: ألا تجيبونى يا معشر الأنصار؟ قالوا: وماذا نجيبك يا رسول الله؟ ولرسول الله المَنُّ والفضل؟ .

قال: والله لو شئتم قلتم فصدقتم: أتيتنا مكذَّبًا فصدَّقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلا فآسيناك (٣)، وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار لشئ، وفي بعض الروايات (لعاهة) (٤) من الدنيا تألفت به قومًا أسلموا، وكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإِسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلى رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار. الأنصار شعار والناس دثار (٥).

وفي رواية في الصحيحين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصار: (إن قريشًا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله إلى بيوتكم؟ قالوا بلى. قال: لو سلك الناس واديًا وسلك الأنصار شعبًا لسلكت وادي


(١) الجدة: بكسر الجيم: والموجدة الغضب.
(٢) العالة: الفقر.
(٣) آسيناك: أعطيناك حتى جعلناك كأحدنا.
(٤) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٨.
(٥) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٤٢ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٥٧ - ٩٥٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٨ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٩٣ - ٩٤ صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٠٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٧ - ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>