للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرشة (١) ستة. ويقال: إن الوفد كانوا بضعة عشر رجلًا، فيهم سفيان بن عبد الله (٢).

قالوا: فخرج بهم عبد ياليل وهو رأسهم وصاحب أمرهم، ولكنه أحب أن يسهل كل رجل رهطه (٣).

اتجه وفد ثقيف صوب الشمال الغربي قاصدًا المدينة المنورة، ليحمل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرار الذي توصل إليه سادات ثقيف والمتضمن خروج ثقيف من الشرك ودخولها في الإِسلام، وكان ذلك من أعلام النبوّة، فقبل ما يقرب من سنة- وعندما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفك الحصار عن حصن ثقيف بالطائف بعد معركة حنين الفاصلة- سأل بعض الصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو على ثقيف بالهلاك، فأبى سيد الرحماء، ودعا لهم بدلًا من أن يدعو عليهم. فقال: اللهم اهد ثقيفا وأت بهم.

وهاهى ثقيف تأتى إلى المدينة (ممثلة في وفدها الكبير) طائعة مختارة برئاسة رجل كان من أشرس الناس وأشدهم عداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وسخرية به وبدينه الحق (عبد ياليل بن عمرو) الذي قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - في أول الإِسلام عندما لجأ إلى ثقيف يطلب نصرتها على مشركى مكة- قال له مستهزئا: (وهو يمرط (٤) ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك)، وقال له أخوه مسعود بن عمرو: (أما وجد الله أحدًا يرسله غيرك؟ )، وقال أخوه الثاني حبيب بن عمرو: (والله لا أكلمك أبدًا، لئن كنت رسولًا من الله كما تقول، لأنت


(١) قال ابن الأثير: هو نمير بن خرشة بن ربيعة الثقفى، حليف لهم من بلحارث بن كعب، وروى عنه أنه قال أدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجحفة فاستبشر الناس بقدومنا.
(٢) هو سفيان بن عبد الله بن أبي ربيعة بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف، كان من ثقات الصحابة الذين يعتمد عليهم عمر بن الخطاب، ولاه عمر بن الخطاب إمارة الطائف بعد نقل عثمان بن أبي العاص إلى البحرين، روى عنه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلق كثير منهم ابنه عبد الله، وعروة بن الزبير، ومحمد بن عبد الله بن ماعز، ونافع بن جبير، وسفيان بن عبد الله وعنه روى عروة بن الزبير الحديث التربوى العظيم المشهور الذي قال فيه سفيان: قلت يا رسول الله قل لي قولًا في الإسلام لا أسأل عنه أحدًا بعدك. قال: قل آمنت بالله عزَّ وجلَّ ثم وجل ثم استقم.
(٣) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٨٤ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٦٣.
(٤) يمرطه: ينزعه فيرمى به.

<<  <  ج: ص:  >  >>