للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم عتاب بن مالك بن كعب ثم بنوه بعده- يقول: سترون إذا انتهي إلى أساسها، يغضب الأساس غضبًا يخسف بهم.

فلما سمع بذاك المغيرة ولى حفر الأساس حتى بلغ نصف قامة، وانتهى إلى الغبغب خزانتها، وانتزعوا حليها وكسومها وما فيها من طيب ومن ذهب أو فضة. قال: تقول عجوز منهم: أسلمها الرضاع (١)، وتركوا المصاع (٢)، وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما وجد فيها أبا مليح، وقاربا، وناسا، وجعل في سبيل الله وفي السلاح منها، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب لثقيف: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المؤمنين، إن عضاه وجّ (٣) وصيده لا يعضد، ومن وجد يفعل ذلك يجلد وتنزع ثيابه، فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ محمدًا، فإن هذا أمر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ".وكتب خالد بن سعيد بأمر النبي الرسول محمد بن عبد الله، فلا يتعداه أحد، فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قطع عضاه وجّ وعن صيده. وكان الرجل يوجد يفعل ذلك فتنزع ثيابه. واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمى وجّ سعد بن أبي وقاص (٤)

وهكذا وبانتهاء هدم اللات وبدخول ثقيف في الإِسلام انتهت آخر مرحلة من مراحل الصراع بين الإِسلام والوثنية في منطقة الحجاز، حيث أصبحت كل هذه المنطقة داخلة في حظيرة الإِسلام، ولم يعد للوثنية أي وجود في أية ناحية من نواحى الحجاز، وكان إسلام ثقيف في أواخر السنة التاسعة للهجرة. أي بعد مرور حوالي سنة على انهزام ثقيف وكل هوازن في معركة حنين الحاسمة. والعام التاسع من الهجرة، هو المسمى بعام الوفود، وفيه أنزل الله تعالى على نبيه {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (٥).


(١) الرضاع (بكسر الراء) جمع راضع، وهو اللثيم.
(٢) المصاع (بكسر الميم): المضاربة بالسيف.
(٣) وج. قال ياقوت: اسم الطائف.
(٤) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٦٩ - ٩٧٠ - ٩٧١ - ٩٧٢ - ٩٧٣.
(٥) سورة النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>