الذين ضيَّعوا على ملك هوازن وقائده ثمرة عمليات الكمائن الناجحة.
ز- كذاك من أسباب هزيمة المسلمين أول الأمر أنه يوجد في جيش الإِسلام عناصر من قريش وكنانة مدخولة العقيدة، أسلمت ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم .. كانت هذه العناصر تتمنى أن تنزل الهزيمة الكاملة بالجيش النبوي، وتود أن تتمكن هوازن من أن تعيد للوثنية سلطانها على مكة المكرمة.
لذلك ومن المنطلق السئ فإن هذه العناصر المشبوهة (وكانت جزءًا من الجيش النبوي) كانت أول المنهزمين عندما بدأت كمائن هوازن هجومها المباغت عند الفجر على المسلمين، فكانت هذه العناصر المشبوهة -بالإضافة إلى إسراعها في الهزيمة- عامل بلبلة وإرجاف، حيث قامت عن قصد وسوء نية بإشاعة الذعر والفزع في نفوس المسلمين، للتأثير على معنوياتهما التي كانت قد تعرّضت لهزة عنيفة نتيجة تعرّضها لهجوم الكمائن الصاعق المباغت في عماية الصبح.
ح- وجود عناصر أخرى في الجيش من أهل مكة وكنانة غير سيئة النية- ولكنها على جهل شبه تام بالإِسلام، لحداثة عهدها بهذا الدين حيث انضمت إلى الجيش النبوي ولم يمض على إسلامها سوى حوالي خمسة عشر يومًا. فظلت هذه العناصر لذلك على كثير من المعتقدات الوثنية، فقد رأينا كيف أن هذه العناصر طلبت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند التحرك إلى حنين- أن يسمح لها بمباشرة ما يباشرة المشركون من أعمال وثنية، حيث طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم ذات أنواط، فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم (أي المشركين) ذات أنواط (١).
فهذه العناصر قد لا تكون سيئة النية، ولكنها جاهلة حقيقة الإِسلام المبنى على عقيدة التوحيد، مما جعل وجودها عامل بلبلة وعامل ارتباك وضعف في الجيش، لأن أهم حوافز القوة القتالية لدى المسلمين إنما كان قوة عقيدة الإِسلام.
(١) انظر تفاصيل قصة ذات أنواط فيما مضى من هذا الكتاب.