للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم امتناع كعب وكلاب أكثر بني هلال من الانضمام إلى حشد مالك بن عوف لم يحدث أي تردد بين أوساط عشائر هوازن الأخرى، إلا أن امتناع كعب وكلاب وبنى هلال كان له أثره الضَّار على معنويات العشائر الأخرى من هوازن، لأن جيش مالك بن عوف الذي يتكون من هذه العشائر قد خسر (بمختلف العشائر الثلاث عنه) عنصرًا من أهم عناصره القتالية، فأنقص ذلك من مستوى روح هذا الجيش المعنوية، حتى أن الخبير الحربى المعمر الذي بلغ مائة وستين سنة قضى معظمها في الحروب، توقع نزول الشر بجيش هوازن لما بلغه غياب كعب وكلاب وبنى هلال عن مقاتلة المسلمين، حين قال: (لو كان خيرًا ما سبقتموهم إليه، ولو كان ذكرًا أو شرفًا ما تخلَّفوا عنه فأطيعونى يا معشر هوازن وارجعوا وافعلوا ما فعل هؤلاء) (١).

وفعلًا (وكما توقع دريد بن الصمة) فإن هوازن لم تلق في حربها ضد المسلمين إلا الشر كل الشر وهو الهزيمة الشاملة الساحقة.

هـ- الرعب المفاجئ:

لقد أظهرت هوازن (وخاصة في المرحلة الأولى من المعركة) مقدرة قتالية كبيرة، وعندما تراجع المسلمون المنهزمون وشنوا هجومهم المعاكس الضارى، قاتلت أيضًا هوازن قتالًا شديدًا، وثبت قائدها مالك بن عوف في الميدان يجالد المسلمين بثبات وضراوة حتى كادت قبيلته الخاصه أن تفنى لثباتها إلى جانبه.

ولكنَّ جند هوازن -ساعة استئناف المسلمين القتال واشتداد هذا القتال- تعرّضوا لسلاح خفى كان له أكبر الأثر في التعجيل بهزيمة هوازن .. وهذا السلاح هو الرعب المفاجئ الذي قذفه الله في قلوب جند هوازن، بالإضافة إلى جنود مجهولين كان جند هوازن يشاهدونهم على هيئة مفزعة إلى جانب العسكر الإسلامي، وقد ذكر مؤرخو الإسلام (استنادًا إلى نصوص موثوق بها) أن هؤلاء الجنود الذين يشاهدهم جند هوازن على هيئة خيالة، هم من الملائكة لبث الرعب في نفوس المشركين، وقد أكد حقيقة هذا الرعب المفاجئ رجال من ثقيف ممن شهدوا حنينا مع المشركين ثم هداهها الله


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٨٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>