للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينصر عليهم) (١). مع أن دريد بن الصمة نصح مالكًا بأن يترك الغرور لأنه سيقاتل رجلًا لا كالرجال، حين قال له: (يا مالك إنك تقاتل رجلًا كريمًا وقد أصبحت رئيس قومك وإن هذا اليوم كائن لما بعده من الأيام) (٢).

وغرور القائد واستهانته بجنود الجيش الإِسلامي، كان بمثابة إيحاء إلى جنده بأن يكونوا مثله، فسرب روح الاستهانة بين فصائلهم بجند الإِسلام لا سيما بعد أن انهزم المسلمون عند الصدمة الأولى، فكان هذا الغرور والاستهانة (دونما شك) من أهم أسباب انتكاسة هوازن بعد انتصارها، هذه الانتكاسة التي تحولت إلى هزيمة ساحقة شاملة.

د- الانشقاق بين هوازن:

بالرغم من أن هوازن كانت في حنين قوة جبارة (عشرين ألف محارب) إلا أنها كانت قد تعرَّضت (منذ اللحظة الأولى من التحشد) لانشقاق كان له الأثر السئ على معنوياتها فقد رفضت قبيلتان من هوازن الاشتراك في حرب المسلمين، وهاتان القبيلتان (وهما كعب (٣) وكلاب (٤)) من أشجع وأقوى قبائل هوازن، بل هما بشهادة المعمر الخبير دريد بن الصمة، أقوى قوة بين عشائر هوازن -وذلك بقوله - (لما أخبِر أنهما لن تشهدا حنينًا مع هوازن-: (غاب الجِدُّ والحد، ولو كان يوم رفعة وعلاء لم تغب عنه كعب ولا كلاب).


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٨٩٣.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٨٨٧.
(٣) هم كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. كانوا بطنًا عظيمًا من هوازن، وكانت ديارهم منتشرة فيما بين تهامة والمدينة وأرض الشام. وكانوا مشهورين بالشجاعة والشرف بين العرب.
(٤) كلاب هؤلاء بطن من أعظم بطون هوازن، وهم من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، كانت من منازلهم سمى ضرية بنجد وهو حمى كليب، وحمى الربذة في جهات المدينة المنورة، وفدك والعوالى، وقد انتشروا في الشام. وكانوا شعبًا محاربًا فعظم شأنهم فملكوا حلب ونواحيها كثيرًا من مدن الشام، وإلى عظمة وشرف كعب وكلاب هؤلاء يقول الشاعر لآخر يهجوه:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا

<<  <  ج: ص:  >  >>