اقتحامها بمساندة من العرب المتنصرة الموالين له، فإن هذا الجيش يكون بمجرد علمه بتحركات المسلمين من المدينة قد انسحب من الحدود إلى أواسط الشام خوفًا من الاصطدام بجيش الإِسلام بدليل أن المسلمين عند وصولهم إلى تبوك بثّوا دورياتهم فلم يجدوا أيّ أثر للعسكر والرومان.
لهذا يكون الجيش الإِسلامي - وإن لم يحقق على الرومان في هذه الغزوة - نصرًا عسكريا إلا أنه حقق أعظم انتصار معنوى حيث أرعب جيش أعظم إمبراطورية في العالم يوم ذاك حين هربت من الحدود لقدومه الوحدات التي حشدها هرقل بقصد الإِغارة على جزيرة العرب. وقد كان انتصار النبي - صلى الله عليه وسلم - المعنوى في تبوك مقدمة لأعظم انتصارات عسكرية حققها خلفاؤه على الرومان بعده حيث انتزعوا منهم الشام كلها وجانبًا من آسيا الصغرى كما هو معلوم.
* * *
كذلك سجل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو بتبوك نصرًا عسكريا له أهميته العظمى، وهو أنه بعث خالد بن الوليد وهو بتبوك في أربعمائة فارس إلى دومة الجندل فقضى على أخطر جيب لا يزال معاديا للإسلام داخل الجزيرة وهي مملكة دومة الجندل الكندية العربية النصرانية حيث احتل حصونها وأسر ملكها (أكيدر بن عبد الملك) وقتل أخاه حسان.
بل إن عدة أمراء من المرتبطين بالتاج البيزنطى داخل الشايم قد أفزعهم وجود الجيش النبوي في تبوك فألقوا بأيديهم وجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعقدوا معه صلحًا قبلوا بموجبه الدخول تحت طاعة المسلمين بدفع الجزية لهم - وهم أهل أذرح وجربا بمعان وأهل إيلات بخليج العقبة - وكل هذه المناطق داخلة في الشام ضمن ممتلكات بيزنطا.
بهذا تكون غزوة تبوك قد حققت أهدافها كاملة وعاد الجيش النبوي إلى