للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك لطئ، كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد انتصاره العظيم في معركة حنين الحاسمة، لا يبلغه وجود صنم أو وثن في أية ناحية من جزيرة العرب إلا وبعث إليه من يحطمه، كى لا يبقى في الجزيرة أي أثر من آثار الجاهلية.

وكان لقبيلة طيء صنم يقال له: الفُلس (بضم أوله وسكون ثانيه)، فبعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب على رأس هذه الحملة كى يتولّى تحطيم الصنم (الفُلس).

كانت طئ قبيلة يمانية عظيمة ذات أفخاذ متعددة وكانت قد هاجرت من جنوب الجزيرة إلى شمالها في نجد منذ أقدم العصور، حتى صارت تعد في القبائل النجدية.

ومن الناحية العسكرية، كانت قبيلة طيئ ذات مقدرة قتالية فائقة، ومن حيث العدد فهي قبيلة عظيمة، إذ لا تقل عن غطفان وأسد وهوازن، سواء من ناحية الشجاعة والعدد، أو من ناحية القوة.

كان يمكن أن يلاقى الجيش الإسلامي من قبيلة طيئ من المصاعب والمتاعب والمقاومة العنيدة المنظمة، مثلما لقى من غطفان في أول عهد الإِسلام، ومن هوازن في معركة حنين، ولكن انهيار مقاومة هذه القبائل القوية العنيدة، ودخول كل عشائرها في الإِسلام، ودخول الأغلبية الساحقة من قبائل الجزيرة في هذا الدين، جعل من قبيلة طيئ - رغم ماضيها العسكري الشهير وكثرة عددها - قوة غير مرهوبة الجانب لدى المسلمين، فقد اعترى عشائر هذه القبيلة العظيمة التخاذق وانتابها الرعب من المسلمين، فتلاشت - أمام تيار الإِسلام - قوتها العسكرية العظيمة التي كانت عليها.

ولا أدل على هذا الضعف والتلاشى والتخاذل من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يهدم صنم هذه القبيلة المعبود (الفُلس) لم يبعث لهذه المهمة سوى قوة خفيفة قوامها مائة وخمسون مقاتلا، مع العلم أن عشائر طيئ تضم عدة آلاف من القادرين على القتال.

كانت المسافة بين المدينة وبن المكان الذي فيه صنم طيئ (الفُلس)،

<<  <  ج: ص:  >  >>