حوالي ستمائة ميل، لذلك كان رجال السرية محمولين على مائة بعير وخمسين فرسًا، وقد حققت الدورية أهدافها، فقد تمكن علي بن أبي طالب من تحطيم (الفُلس) صنم طيئ، بعد مقاومة أبداها الطائيون، سحقها على ورجال سريته، بعد أن قتل عددًا من المقاومين وأوقع الكثير منهم في الأصر.
وكان ضمن الذين وقعوا في الأسر ابنة لحاتم طئ اسمها (السفانة) وكانت أخت عَدى بن حاتم الذي كان بمثابة الملك على طيئ، وكان قد خلف أباه حاتمًا في زعامة طيئ، أما عَديّ بن حاتم نفسه، فقد تمكن من الهرب إلى الشام، وكان يدين بالنصرانية، إلا أن أخته (السفانة) التي أكرمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحررها من الرق بعد أن علم أنها ابنة حاتم طيئ الذي وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يحب مكارم الأخلاق، السفانة هذه ذهبت إلى أخيها عَدى بالشام. فأقنعته - وكانت ذات عقل راجح - بأن يدخل في الإِسلام، فجاء - تحت تأثير أخته الحصيفة - إلى المدينة وأعلن إسلامه، وكان لإسلامه أثر طيب في نصرة الإِسلام فقد أعز الله به هذا الدين، وكانت أبرز مواقفه المشرّفة، ثباته وتثبيت قومه طيئ على الإِسلام عندما ارتد أكثر العرب عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما كانت له مواقف مشرفة رائعة في معارك الجهاد في الشام والعراق، حيث كان عدى من زملاء القائد خالد بن الوليد الذين هم ضمن هيئة أركان حربه سواء كان في الشام أم في العراق.
أما قصة نجاح حملة الدورية الخفيفة التي قادها علي بن أبي طالب إلى ديار طيئ وقصة انهيار المقاومة بين عشائر قبيلة طيئ التي تعد بالآلاف، فلنترك الإمام الواقدي يحدثنا عنها في كتابه الشهير (المغازي).
قال الواقدي عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا - عليه السلام - في خمسين ومائة رجل، على مائة بعير وخمسين فرسًا، وليس في السرية إلا أنصارى، فيها وجوه الأوس والخزرج، فاجتنبوا الخيل واعتقبوا على الإبل حتى أغاروا على أحياء من العرب، ثم قال: وبعث عليًّا إلى الفلس (صنم طيئ) ليهدمه، فخرج بأصحابه، معه راية سوداء ولواء