للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - بنو كلب. وهؤلاء من كندة، وكندة نزحت من شمال حضرموت، وأسست لها ملكا مشهورًا في دومة الجندل التي تعرف اليوم بالجوف، وكان هؤلاء الحضارمة القضاعيون والكنديون يدينون بالوثنية، إلا أنهم - بتأثير - من جيرانهم البيزنطيين الذين كانوا يحكمون الشام - تحولوا إلى النصرانية، فأكثرية قبائل الشمال القحطانيين عند ظهور الإِسلام كانوا على النصرانية.

وكانت قبائل قضاعة تستوطن منطقة تبوك وما حولها حتى شواطئ البحر الأحمر غربًا، أما قبائل كلب من كندة فتسكن إلى الشرق وشمال الشرق من تبوك - حيث كان ملكهم بدومة الجندل (١).

وكانت هذه القبائل (قضاعة وكندة) على عداء شديد للمسلمين، وكانت أحيانًا - لما تشعر به من قوة وكثرة جند - تفكر في غزو المسلمين في المدينة، وذلك (على ما يبدو) بتحريض من أصدقائهم الرومان، الذين يتهيبون حروب الصحراء، ثم بدافع من هؤلاء القحطانيين من الخوف من أن يمتد نفوذ الإِسلام إلى مناطقهم، التي لهم فيها ملك وسلطان مثل ملوك (دوفة الجندل) أو اليد المطلقة في الحكم تحت رعاية الرومان مثل قبائل قضاعة في الركن الشمالي الغربي من الجزيرة ومشارف الشام.

غير أن المسلمين كانوا متيقظين لهذه الناحية، فما يبلغهم أي حشد من هؤلاء الحضارمة النصارى (وخاصة قضاعة) إلا ومسارعوا إلى غزوهم وتشتيت كلهم قبل أن يشرعوا في تنفيذ ما يفكرون فيه من غزو للمدينة.

وقد دلت الأحداث على أن هناك مصلحة مشتركة بين قبائل الشمال المتنصرة القحانية وبين الإمبراطورية البيزطية، جعلت الفريقين يجعلون من قواتهم المسلحة قوة واحدة تقف على أهبة الاستعداد لمحاربة المسلمين، كلما سنحت الفرصة، وهذه المصلحة المشتركة هي حرص الحضارمة من قضاعة وكلب على الاحتفاظ بسلطانهم الشبه المطلق في مناطق الشمال،


(١) انظر كتابنا (العرب في الشام قبل الإِسلام) ففيه أوسع التفاصيل عن تاريخ هذه القبائل وعن ما كان لها من ملك وسلطان وقوة في الشمال وفي أطراف الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>