لمثل هذه الحرب، ولخفة سلاح ومعدات الثاني ومعرفته العملية التامة بحرب الصاعقة هذه التي نشأ وتدرب عليها.
نعم قد لا يغامر الرومان بأن تقتحم فيالقهم الثقيلة الصحراء في الجزيرة، ولكنهم بما لديهم من إمكانات، قد يقتحمون مناطق معينة من الجزيرة تصلح لأن تكون قواعد لقواتهم الثقيلة، ثم يوحدون كلمة البطون العربية البدوية من قضاعة كندة والقادرة (بحكم نشأتها البدوية) على حروب الصاعقة، ويكونون منها (داخل الجزيرة نفسها) جيشًا يكون عربيًّا في مظهره ورومانيا في جوهره، حيث تتولى القيادة الروبانية تسليح هذا الجيش العربي وإعاشته، وبالتالى قيادته وتوجيهه، بقيادة ضباط من الرومان لغزو المسلمين في المدينة، أو على الأقل شنّ غارات متفرقة على المسلمين، بقصد اقتطاع ما يمكن اقتطاعه من جزيرة العرب لحساب الرومان، وبقصد إعاقة أيّ نفوذ وامتداد لدعوة الإِسلام في الشريط الشمالي من الجزيرة، وبالتالى حراسة الشام من أن تتغلغل إليه هذه الدعوة.
هكذا كانت الاحتمالات، وهكذا كان الموقف في شمال الجزيرة، حيث البطون العربية النصرانية من قضاعة وكندة الحضارمة، الذين يشكلون جيوب مقاومة قوية ضد الإِسلام داخل الجزيرة، كما أن إلى جانبهم في الشام قوات الإِمبراطورية الرومانية. التي تعتبر (بعد انتصارها على الفرس) أعظم وأقوى إمبراطورية في العالم، والتي تجد في نفسها الرغبة والقدرة على اجتياز حدود الجزيرة لمحاربة المسلمين.
فهو إذن خطر روماني جسيم قائم في الشمال يهدد المسلمين، وفعلًا قد تجسد هذا الخطر الروماني الكمير حين وصلت إلى المسلمين أنباء عن حشود رومانية في جنوب الشام شمالي تبوك.
إذن لا بد من تحرك عسكرى إسلامي ضخم يرهب الرومان (أولًا) وينسخ من أذهانهم فكرة القدرة على اجتياز حدود الجزيرة، ويثبت لهم أن المسلمين قادرون عسكريًا على أن ينقلوا المعركة إلى الشام نفسها، ثم يقوم هذا التحرك الإسلامي - بعد إرهاب الروم - بتصفية جيوب المقاومة