للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية في الظاهر- قد انخرطوا في سلك الجيش النبوي بأعداد كبيرة عندما أعلن الاستنفار العام، وذلك لا لإسناد هذا الجيش وتقويته، وإنما بقصد إحداث الفرقة والتشويش والبلبلة داخل صفوفه، وذلك بالانفصال عن هذا الجيش والرجوع إلى المدينة عندما يبدأ الجيش التحرك نحو وجهته.

وقد مثل عبد الله بن أُبَيّ بالنسبة للجيش النبوي المتحرك إلى الشمال، مثّل (تمامًا) دور التخريب الذي قام به يوم معركة أحد عندما خرج في جماعته مع الجيش النبوي المتحرك نحو أحد لمقاتلة مشركى قريش، حيث رجع إلى المدينة من منتصف الطريق برتله وكانوا يمثلون ثلث الجيش تقريبًا، الأمر الذي كان له أسوأ الأثر في نفوس المؤمنين، بل كاد يؤدى إلى تمرد آخر في الجيش النبوي أخطر وأعظم، حيث كادت قبيلتان من الأنصار أن تحذوا حذو عبد الله بن أُبَيّ ورتله الخامس، فترجع إلى المدينة وتترك الاشتراك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مقاتلة قريش، لولا أن الله ثبّت رجال هاتين القبيلتين فثبتوا على إيمانهم واستمروا في مساندة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى نهاية معركة أحد (١).

ففي غزوة تبوك خرج عبد الله بن أُبَيّ في جيش كبير من أصحابه المنافقين على أنه جزء من الجيش النبوي، غير أن رأس النفاق هذا لما بدأ الجيش النبوي في التحرك من ثنية الوداع حيث كان يعسكر، قام بما يمكن تسميته تمردًا، حيث رجع إلى المدينة بمجموعة كبيرة من المحاربين الذين كانوا قد انتظموا في سلك الجيش النبوي، وكان الذين رجعوا مع رأس النفاق، هم (بالتأكيد) ممن كان مثله على النفاق.

وكان الهدف واضحًا من تصرف رأس النفاق هذا، وهو محاولة تمزيق وحدة الجيش النبوي، بإغراء بعض وحداته الأخرى بأن تصنع صنيعه، وكان عبد الله بن أُبَيّ عندما تمرد برتله، تفوّه بكلمات فيها تخويف لمن بقى ثابتًا حول النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجيش وتحريض لوحدات الجيش الأخرى على التمرد بالرجوع إلى المدينة، وترك الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - وشأنه، ولكن محاولات المنافق الكبير هذه باءت بالفشل، فلم يتبعه في الانسلاخ من


(١) انظر تفاصيل تمرد عبد الله بن أُبَيّ وقومه المنافقين في كتابنا الثاني (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>