للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيش والرجوع إلى المدينة سوى رتله الخاص، والذي كل أفراده منافقين مثله، فقد بقى الجيش النبوي متماسكًا كأقوى وكأعظم ما يكون، حيث بقى تحت قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثون ألف مقاتل تحرك بهم إلى الشمال وحقق بهم الأهداف التي من أجلها تحرك بهم، ولم يجن عبد الله بن أُبي وبقية عصابة المنافقين إلا الخيبة والخسران.

ورغم أن عبد الله بن أُبَيّ قد انسلخ عن الجيش بوحداته التابعة له، بقصد الإِضرار بوحدة هذا الجيش، وبقصد تحريض المسلمين على الانفضاض من حول الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - كي يفشل النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوته التاريخية تلك، فإن الرسول الحكيم الحليم لم يتخذ أي إجراء تأديبى ضد عبد الله بن أُبَيّ ورتله المتمرد، وتلك دائما عادة الرسول الحكيمة إزاء مثل هذه التصرفات الشائنة التي يلجأ إليها كل المنافقين بقصد تمزيق وحدة المسلمين والتنكيد على الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم -.

قال الواقدي يصف تآمر عبد الله بن أُبَيّ وأتباعه المنافقين يوم تحرّك الجيش النبوي إلى تبوك: وأقبل عبد الله بن أبي بعسكره، فضربه على ثنية الوداع بحذاء ذباب (١) معه حلفاؤه من اليهود والمنافقين ممن اجتمع إليه، فكان يقال له: ليس عسكر ابن أُبَيّ بأقل العسكرل وأقام ما أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستخلف على العسكر أبا بكر الصديق يصلى بالناس، فلما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخلف ابن أُبَيّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن تخلف من المنافقين، وقال مستهزئًا: يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحر والبلد البعيد، إلى ما لا قبل له به، يحسب محمد أن قتال بني الأصفر اللعب؟ ونافق معه من هو على مثل رأيه.

ثم قال الخبيث متمنيًا الهزيمة والانكسار للنبي - صلى الله عليه وسلم - وجيشه: والله لكأنى انظر إلى أصحابه غدًا مقرنين في الحبال، إرجافًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (٢).


(١) ذباب (بكسر الذال) قال في مراصد الاطلاع: جبل بالمدينة وروضات الذباب موضع آخر.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>