للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن شك وارتياب، وإنما أدركهم الضعف البشرى وأثر عليهم أكثر من غيرهم، وهؤلاء هم: كعب بن مالك (١)، وهلال بن أمية (٢)، ومرارة بن الربيع (٣)، وأبو خيثمة.

أما أبو خيثمة فقد تغلب على ضعفه البشرى أمام مغريات الحياة، فسارع إلى اللحاق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما الثلاثة الآخرون، فقد تخلفوا في المدينة وقعد بهم الضعف البشرى، يقولون كل يوم نلحق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهت مهمة الرسول في تبوك وعاد إلى المدينة، فأمر المسلمين أن يقاطعوهم كتأديب لهم، لأنهم تخلفوا عن الجيش والتجنيد فيه إجبارى، وظل المسلمون لا يكلمون الثلاثة حتى لاقوا من العذاب النفسى المدمر ما الله به عليم وذلك تمحيص لهم، وبقوا هكذا نيفا وخمسين ليلة حتى نزل القرآن يعلن توبتهم، لأنه لم تكن هناك أية شائبة تشوب إيمانهم وإسلامهم في أية ناحية، ولكن الإنسان خطاء والله يقبل التوبة عن عباده، وسنأتى على قصة هؤلاء الثلاثة المخلفين الكرام فيما يأتي من فصول هذا الكتاب إن شاء الله.

أما أبو خيثمة الذي هزم نفسه الأمارة بالسوء وسحق مقاومة الضعف البشرى في نفسه، فلنتركه هو، يحدثنا عن قصته الشيقة ففيها عبر كثيرة، ففيها أن كل إنسان -حتى خيار الناس من الصحابة- يمسك الشيطان بمقوده، ولكن المهم كيف يتمكن المؤمن انتزاع مقوده من الشيطان بعد أن أمسك به كما فعل أبو خيثمة الذي تغلبت قوة وجدانه الإِسلامي على ضعفه الإِنسانى البشرى، فترك الشيطان -بعد أن ظفر به- يتميز من الغيظ.

كان أبو خيثمة مؤمنا لا يتهم في إسلامه ولا يغمص عليه، فرجع بعد أن سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة أيام حتى دخل على امرأتين له في يوم حار، فوجدهما في عريشين لهما، قد رشت كل واحدة منهما عريشها


(١) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(٢) هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس بن عبد الأعلم الأوسى الأنصاري شهد بدرًا وأحدًا كان قديم الإسلام، كان يكسر أصنام بني واقف وكانت مع رايتهم يوم الفتح.
(٣) هو مرارة بن الربيع بن ربعي بن عدي بن زيد الأوسى الأنصاري شهد بدرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>