للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعاما، فلما انتهى إليهما قام على العريشين فقال: سبحان الله، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، في الضح (بكسر أوله، والضح ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض) والريح والحر يحمل سلاحه على عنقه، وأبو خيثمة في ظلال بارد وطعام مهيأ وامرأتين حسناوين، مقيم في ماله، ما هذا بالنصف، ثم قال: والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى أخرج فألحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأناخ ناضحه (١) وشد عليه قتبه وتزود وارتحل، فجعلت امرأتاه يكلمانه ولا يكلمهما، حتى أدرك عمير بن وهب الجمحى (٢) بوادى القرى يريد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصحبة فترافقا، حتى إذا دنوا من تبوك قال أبو خيثمة: يا عمير إن لي ذنوبًا، وأنت لا ذنب لك، فلا عليك أن تخلف عنى حتى آتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك، ففعل عمير، فسار أبو خيثمة حتى إذا دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازل بتبوك- قال الناس: هذا راكب الطريق، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كن أبا خيثمة. فقال الناس: يا رسول الله، هذا أبو خيثمة، فلما أقبل فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أولى لك يا أبا خيثمة، ثم أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا ودعا له.

وكان فيمن تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ثم لحق به، أبو ذر الغفاري (٣) ذلك بسبب ضعف بعيره الذي كان يركبه، والذي -لهزاله- عجز عن المشي، فتركه ولحق (مشيا على الأقدام) برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فقد قال الواقدي: وكان أبو ذر يقول: أبطأت في غزوة تبوك من أجل بعيرى، كان نضوا (٤) أعجف، فقلت: أعلفه أيامًا ثم ألحق برسول الله


(١) الناضح الجمل المعد للركوب.
(٢) انظر ترجمة عمير بن وهب الجمحى في كتابنا (غزوة بدر).
(٣) انظر ترجمة أبي ذر في كتابنا (صلح الحديبية).
(٤) قال في النهاية: النضو (بكسر النون) الدابة التي أهزلتها الأسفار وأهبت لحمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>