يضرب كمينا لم يتوقعه أو أن يحمى الأجنحة التي يهددها العدو بفرسانه أو بمشاته ثم يستثمر الفوز بالاحتياط من الصفوف الخلفية عند الحاجة.
إن أُسلوب الصفوف يؤمن السيطرة على القوة بكاملها، ويؤمن احتياطًا للطوارئ ويصلح للدفاع والهجوم في وقت واحد، أما أسلوب الكر والفر (١)(وهو ما سارت عليه قريش في حربها يوم بدر) فيجعل القائد يفقد السيطرة ولا يؤمن له أي احتياط للطوارئ.
ويقول اللواءُ الركن (محمود شيت خطاب) إن تطبيق الرسول لأُسلوب الصفوف في معركة بدر، عامل مهم من عوامل انتصارهم على المشركين، والتاريخ العسكري يخبرنا بأن انتصار القادة العظام - كالإسكندر وهنيبال قديمًا، ونابليون ومولتكهـ ورومل ورنشتد حديثًا، هو أنهم طبقوا أُسلوبًا جديدًا في القتال غير معہروف، أو قاتلوا بأسلحة جديدة غير معروفة. اهـ.
وهكذا صار للخطة التي ابتدعها الرسول في التعبئة وسار عليها في حربه يوم بدر وامتاز بها على المشركين الذين لم يسبق لهم أن ساروا على مثلها في شيء من حروبهم، صار لها أثر كبير في انتصار المسلمين في هذه المعركة.
هذه الأسباب الأربعة (في نظرنا) هي - الناحية العسكرية - أهم الأسباب التي أدت إلى هزيمة المشركين في هذه المعركة، تلك الهزيمة الساحقة التي بها بدأ الانهيار في صرح دولة الشرك .. وحققت للمسلمين ذلك النصر الرائع الذي به دخل المسلمون التاريخ من بابه الخالد.
(١) أسلوب الكر والفر هو الأسلوب المتبع عند الهنود الحمر بأمريكا.