للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجح خالد في كمينه نجاحا مكنه من السيطرة على دومة الجندل دونما أي قتال يذكر، فقد كان من توفيق الله تعالى أن خرج الملك أكيدر وبعض أفرأد أسرته في الليل ومعه أخوه الأمير حسان لمطاردة البقر الوحشى، وهم لا يغلمون بمكان خالد وفرسانه، وعندما ابتعدوا من القلعة - وخالد يترصدهم - أمر فرسانه فطوقوا الملك أكيدر وصحبه فلم يقاوم لأنه في قلة قليلة من رجاله، ولكن أخاه الأمير حسان رفض الاستسلام فقاتل حتى قتل، أما المملوكان، فقد تمكنا من الإفلات ورجعا إلى القلعة ليخبرا قادة الجيش فيها بما حدث لملكهم الذي أصبح في أسر خالد بن الوليد. فتنبه المعتصمون بالقلعة واستعدوا للقتال.

ولكن ملكهم أكيدر الأسير أمرهم بإلقاء السلاح وفتح أبواب الحصن للمسلمين، وذلك حسب اتفاق تم بينه وبين القائد خالد بن الوليد، وذلك أن خالدًا عرض على الملك أكيدر أن يحقن دمه ويأمر المتحصنين في القلعة بإلقاء السلاح وفتح أبوابها للمسلمين فقبل فدخلوها وسيطروا عليها واستولوا على ما فيها من أموال ورقيق، ومنحوا كل جنود أكيدر الأمان على أرواحهم.

قال أصحاب المغازي يصفون وقوع الملك أكيدر في قبضة خالد بن الوليد وفتح قلعة دومة الجندل دونما ققال: (فلما فصلوا -أي الملك أكيدر وحاشيته- من الحصن، وخيل خالد تنتظرهم لا يصهل فها فرس ولا يتحرك، فساعة فصل أخذته الخيل، فاستأسر أكيدر وامتنع حسان، فقاتل حتى قتل، وهرب الملو كان ومن كان معه من أهل بيته فدخلوا الحضن، وكان على حسان قباء مخوص بالذهب، فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عمرو بن أمية الضمرى حتى قدم عليهم فأخبرهم بأخذهم أكيدر.

وتشير مصادر التاريخ إلى أن خالدا لم يتمكن من فتح دومة الجندل إلا بعد أن غادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منطقة تبوك عائدا إلى المدينة، بدليل أن خالدا قدم المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه الملك أكيدر (١)، وكان رسول الله


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٢٧ كما أن البيهقي يذكر -كما في البداية والنهاية- أن خالدًا إنما تحرك من المدينة لا من تبوك لفتح دومة الجندل (البداية والنهاية ج ٥ ص ١٧ - ١٨) فالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>