للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - قد أصدر أمره إلى القائد خالد - وهو يوليه على كتيبة الفرسان المكلفة بفتح دومة الجندل - أن لا يقتل الملك أكيدر عندما يقبض عليه.

وأعطى بعض أصحاب المغازي مزيدا من التفاصيل عن فتح دومة الجندل - كل حسب علمه فقالوا: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لخالد بن الوليد: إن ظفرت بأكيدر فلا تقتله وائت به إلي، فإن أبى فاقتلوه، فطاوعهم. فقال بجير بن بحبرة من طئ شعرًا يذكر فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لخالد (وإنك تجده يصيد البقر) وما صنع البقر تلك الليلة بباب الحصن:

تبارك سائق البقرات أنِّي ... رأيت الله يهدى كل هاد

ومن يك عاندا عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد ...

وقال خالد بن الوليد لأكيدر: هل لك أن أجيرك من القتل حتى آتى بك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن تفتح لي دومة؟ قال: نعم، ذلك لك. فلما صالح خالد أكيدر، وأكيدر في وثاق انطلق به خالد حتى أدناه من باب الحصن، ونادى أكيدر أهله: افتحوا باب الحصن، فرأوا ذلك فأبى عليهم مضاد أخو أكيدر، فقال أكيدر لخالد: تعلم والله لا يفتحون لي ما رأوق في وثاق فخل عنى فلك الله والأمانة أن أفتح لك الحصن إن أنت صالحتنى على أهله. قال خالد: إني أصالحك. فقال أكيدر: إن شئت حكمتك وإن شئت حكمتنى. قال خالد: بل نقبل منك ما أعطت. فصالحه على ألفى بعير، وثمانمائة فرس وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح على أن ينطلق به وأخيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيحكم فيهما بحكمه.

فلما قاضاه خالد على ذلك خلى سبيله ففتح الحصن، فدخله خالد وأوثق مضادا أخا أكيدر، وأخذ ما صالح عليه من الإبل والرقيق والسلاح، ثم خرج قافلا إلى المدينة، ومعه أكيدر ومضاد، فلما قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم صالحه على الجزية (١) وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما، وكتب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا فيه أمانهم وصلحهم وختمه يومئذ بظفره.


(١) وذكر بعضهم - وهو الأقرب إلى الصواب - أن الجزية إنما فرضت على مضاد أخي أكيدر لأن أكيدر أسلم ثم ارتد في خلافة الصديق والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>