للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزاحم الناس فتؤذي وتؤذى. وقال لعبد الرحمن بن عوف: كيف صنعت بالركن يا أبا محمَّد؟ قال: استلمت وتركت. قال: أصبت.

وبعد أن انتهى - صلى الله عليه وسلم - من الطواف الذي رمل فيه ثلاثًا ومشى أربعًا. تقدم إلى المقام، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (١) ثم جعل المقام بينه وبين البيت فصلى فيه ركعتين وكان يقرأ في الركعتين قل يا أيها الكافرون وقيل هو الله أحد. وبعد أن انتهى من صلاته رجع إلى الركن واستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفاء من باب بني مخزوم وقال: أبدأ بما بدأ الله به. ثم أكمل الطواف بين الصفاء والمروة على راحلته. وكان يقول عندما يرتقى الصفا أو المروة: لا إله إلا الله. وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات (٢).

فلما أكمل سعيه أمر كل من لا هدى معه أن يحل حتما قارنا كان أو مفردًا، وأمرهم أن يحلوا الحل كله من وطء النساء ولبس المخيط، وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية، ولم يحل هو - صلى الله عليه وسلم - من أجل هديه، وهناك قال: لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لما سقت الهدى معى ولجعلتها عمرة.

ولم يحل أبو بكر ولا عمر ولا على ولا طلحة من أجل الهدى. ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه الذين أحرموا بالحج اجعلوها عمرة، ترددوا وقالوا يا رسول الله فكيف نجعلها عمرة. فقال: انظروا ما آمركم به ثم بدا عليه الغضب من ترددهم حتى دخل على زوجه عائشة وهو غضبان فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟ . فقال - صلى الله عليه وسلم -: وما لي لا أغضب وأنا آمر أمرًا فلا يتبع (٣).

قال الإِمام ابن القيم في زاد المعاد: وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج إلى


(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٩.
(٢) زاد المعاد ج ١ ص ٤٥٧.
(٣) زاد المعاد ج ١ ص ٤٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>