للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا ما أعطى عن طيب نفس. قال عمرو بن يثربى (١): فقلت يا رسول الله أرأيت إن لقيت غنم ابن عمى، أجزر منها شاة؟ قال: وعرفنى فقال: إن لقيتها نعجة تحمل شفرة، وزنادًا (٢) بخبت الجميش (٣) فلا تهجها، وفي هذه الخطبة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّمَا النَّسِيءُ (٤) زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} (٥). ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية، ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي يدعى شهر مضر الذي بين جمادى الآخرة وشعبان، والشهر تسعة وعشرون يومًا، وثلاثون، ألا هل بلغت؟ فقال الناس: نعم، فقال: اللهم اشهد. ثم تحدث عن حقوق النساء وحقوق الرجال عليهم، فقال: أيها الناس إن النساء عليكم حقًّا، وإن لكم عيهن حقًّا، فعليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا، ولا يدخلن بيوتكم أحدًا تكرهونه إلا بإذنكم، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع، وأن تضربوهن ضربًا غير مبرّح، فإن انتهين وأطعنكم، فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف. ثم أوصى بالنساء خيرًا، فقال: وإنما النساء عندكم عوان (٦) لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرًا، ألا هل بلغت؟ قال الناس: نعم، قال: اللهم اشهد، ثم قال: أيها الناس: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرونه، فقد رضي به، إن كل مسلم أخو المسلم، وإنما المسلمون إخوة لا يحل لامرئ مسلم دم أخيه ولا ماله إلا


(١) هو عمرو بن يثربى الضمرى الحجازي "وبنى ضمرة تقع ديارهم قريبًا من بدر" كان يسكن عمرو المذكور خبت الجميش من سيف البحر، والجميش واد عرفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالساحل كثير الحطب، وهو واد لبنى ضمرة.
(٢) الزناد الذي تقدح منه النار.
(٣) الجميش واد بالساحل كثير الحطب.
(٤) في تعليقنا على خطبته "ص" أعطينا موجزًا لمعنى النسيء.
(٥) سورة التوبة آية ٣٧.
(٦) عوان جمع عانية وهي الأسرة، كذا جاء في شرح أبي ذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>