وهذا هو الذي حداث بالفعل (داخل الوطن الإسلامي الكبير) لكثير من الشعوب التي ألغت شخصيتها الإسلامية المتمثلة في إسلامها (كدين ودولة وخلق ومعاملة وتاريخ وعقيدة).
فقد شهدت مناطق كثيرة من هذا الوطن الكبير فيوضات مختلفة من المذاهب الأجنبية المستوردة والأفكار الدخيلة المستهجنة والعقائد الغريبة المستنكرة، حاول مستوردوها أن يبنوا (في ظلها) لأنفسهم ولشعوبهم شخصية جديدة مستقلة بعد إلغاء شخصيتهم الإسلامية.
ولكنهم فشلوا في محاولاتهم هذه فشلًا ذريعًا، فصاروا كالغراب الذي حاول تقليد الحمام في مشيته فصار يتخبط (بعد أن ألغى مشيته الأصلية) فلا هو احتفظ بمشيته الطبيعية التي هي جزء من تكوينه ولا هو أجاد مشية الحمام، وإنما بقى حائرًا متخبطًا بين بين.
وما نعانيه هذه الأقطار (التي ألغت شخصيتها الإسلامية وننكرت لتاريخها الإسلامي وأهالت التراب عليه) من قلق واضطراب وعدم استقرار في شتى نواحيها، ليس له سبب إلا أن قادتها ومفكريها المسئولين حاولوا أن يكونوا لها شخصية جديدة، قوامها مزيج من مذاهب وعقائد وأفكار عريبة دخيلة، ترفضها طبيعة هذه الشعوب ولا تنسجم معها في قليل أو كثير.
وإن اليوم المشهود الذي تبدأ فيه هذه الأمة سيرها في الطريق المستقيم، طريق الموحدة والتكاتف والعزة والاستقرار هو اليوم الذي تعود فيه هذه الامة إلى إطار بشخصيتها الإسلامية الحقيقية التي قوامها عقيدة القرآن، وترى عنها أثواب كل الشخصيات الأجنبية الدخيلة