ومن الذين ثبتوا مع رسول الله ساعة الهزيمة حاطب بن أبي بلتعة (١) , وهو من الأبطال المشهورين، فقد وقف حاطب هذا يجالد دون رسول الله بسيفه ساعة انهزام الناس، وهو الذي انتقم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتل عتبة بن أبي وقاص الذي سبق له أن أدمى وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة الهجوم عليه، وقد قتله حاطب في تلك الساعة التي أصاب الذات النبوية بالجراح.
فقد روى ابن كثير في تاريخه عن حاطب نفسه قوله .. لما رأيت ما فعل عتبة (بن أبي وقاص) برسول الله قلت له (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -): أين توجه عتبة؟ فأشار إلى حيث توجه، قال حاطب: فمضيت حتى ظفرت به فضربته بالسيف فطرحت رأسه ثم نزلت فأخذت فرسه وسيفه، وجئت به إلى رسول الله، فقال لي: رضي الله عنك رضي الله عنك (مرتين)، وكان سعد بن أبي وقاص شديد الحرص على قتل أخيه عتبة هذا، إلا أنه لم يظفر به، فقد ذكر عن سعد رضي الله عنه قوله: ما حرصت على قتل أحد قط مثل حرصي على قتل عتبة بن أبي وقاص، وإن كان ما علمت لسييء الخلق مبغضًا في قومه.
(١) هو حاطب بن أبي بلتعة (بفتح الباء وسكون اللام وفتح التاء) بن عمرو اللخمي ثم القحطاني اليماني، حليف بني أسد بن عبد العزي، من السابقين في الإسلام ومن المهاجرين، كان من فرسان قريش المشهورين، شهد بدرًا مع رسول الله وأحدًا والخندق وكان صديقًا للزبير بن العوام (خاصة)، وهو الذي كتب لكفار مكة يخبرهم بعزم رسول الله على غزوهم، وقصته في التاريخ مشهورة، وقد اعتذر لرسول الله عما فعل فقبل منه، وشهد له بأنه لن يدخل النار، لأنه من أهل بدر وقد طلب ابن الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم السماح له بضرب عنق حاطب يوم ذاك فلم يسمح له وقال إنه شهد بدرًا، مات حاطب سنة ٣٠ هـ.