للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد روى أبو داود الطيالسي عن أم المؤمنين عائشة، قالت ... كان أبو بكر إذا ذكر يوم أُحد قال ذاك كلمة لطلحة ثم أنشأ يحدث .. قال:

كنت أول من فاء يوم أُحد فرأيت رجلًا يقاتل في سبيل الله، دون رسول الله، فقلت كن طلحة حيث فاتني ما فاتني، وكابيني وبين المشركين رجل إلا أعرفه وأنا أقرب إلى رسول الله منه وهو يخطف المشي خطفًا، لا أخطفه فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح (١) فانتهينا إلى رسول الله وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه ودخل في وجنته حلقتان من حلق المغفر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليكما صاحبكما - يريد طلحة - وقد نزف (أي من كثرة الجراحة) فأتينا طلحة في بعض تلك الحفار، فإذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية، وإذا به قد قطعت أصبعه (٢) فأصلحنا من شأنه:

كذلك من الذين قاتلوا (بضراوة) وجرحوا أثناء الدفاع عن رسول الله (ساعة المحنة) عبد الرحمن بن عوف، فقد ناضل عن رسول الله (ساعة الانتكاسة) حتى أصابه أكثر من عشرين جرحًا , فقد جرح في


(١) هو القائد والفاتح الشهير واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفهري القرشي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، من أعيان الصحابة، كان رضي الله عنه يلقب بأمين الأمة، ولد بمكة، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله، وكان من السابقين الأولين في الإسلام، ولما قدم وفد اليمن ليعلن إسلام أهل اليمن، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام، فأخذ بيدي أبي عبيدة هذا، فقال هذا أمين هذه الأمة، كان أبو عبيدة أحد الأمراء الأربعة الذين وجههم الخليفة أبو بكر لفتح الشام ثم ولاه عمر القيادة العامة لجيوش المسلمين في الشام بعد أن عزل عنها خالد بن الوليد، فتم على يده فتح الأقطار الشامية، ووصلت جيوش الإسلام الفاتحة (تحت قيادته) إلى الفرات شرقًا وآسيا الصغرى شمالا، شهد أبو عبيدة معركة بدر، وقد قام بقتل أبيه الذي كان مشركًا في تلك المعركة، ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة، وكان أبو عبيدة مشهورًا بالدهاء والإناة والحكمة والتواضع، قال ابن عساكر، داهيتا قريش (اثنان) أبو بكر وأبو عبيدة، له في الصحيحين ١٤ حديثًا، توفي رضي الله عنه بمرض الطاعون في الشام سنة ١٨ هـ.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>