للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - أسباب الانتكاسة

وإذا رجعنا إلى أسباب الانتكاسة التي أصابت المسلمين (أو الهزيمة كما يسميها البعض) لوجدنا أن أهم هذه الأسباب أربعة:

١ - عصيان الرماة

فمما لا جدال فيه وكاد يجمع عليه المؤرخون، هو أن أهم أسباب الانتكاسة هذه عصيان الرماة (١) الذين خالفوا الخطة المرسومة لإدارة المعركة، فتمردوا على قائدهم عبد الله بن جبير، وتركوا مواقعه في الجبل للاشتراك مع أخوانهم في جمع الغنائم قبل أن يسيطر جيش المدينة على ميدان المعركة سيطرة تامة، مما مكّن خالد بن الوليد - قائد سلاح الفرسان في جيش مكة - من اقتحام معقل الرماة في الجبل والقضاء على العشرة الباقين منهم، ثم الانقضاض على مؤخرة المسلمين الذين كان الكثير منهم مشغولًا بجمع الغنائم - وضربهم من الخلف بسرعة فائقة، وإعطاء المنهزمين من عسكر مكة الإشارة بأن يعطفوا على المسلمين - وسط حزام من فرسان العدو ومشاته، فوقع الارتباك في صفوفهم وانفرط عقد نظامهم، حتى صار بعضهم يضرب بعضًا من الدهش، فكانت مخالفة


= الزحف من أكبر الكبائر التي يتعرض فاعلها للعذاب الشديد في جهنم، كما نص على ذلك القرآن الكريم في الآية ١٥: ١٦ من سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
(١) ذكرنا (في أول هذا الكتاب عند التعرض لذكر تعبئة الجيش الإسلامي) أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وضع في الجبل خمسين راميًا وأوكل إليهم مهمة حماية مؤخرة المسلمين، فانظر تفاصيل هذا الموضوع في أول الكتاب تحت عنوان (كتيبة في الجبل =

<<  <  ج: ص:  >  >>