للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد توقف الكثير من المسلمين عن مطاردة المشركين، وانشغلوا بجمع الغنائم التي ازدحمت بها أرض معسكرهم مما خفف على جيش مكة المنهزم من وطأة الهزيمة، وجعل المنهزمين لا يوغلون في الفرار كثيرًا، وهذا هو الذي جعلهم يدركون حركة الالتفاف التي قام بها سلاح الفرسان القرشي بقيادة ابن الوليد، ويستجيبون (بسرعة) لندائه، بعد الصيحة التي أرسلها رجاله عند القيام بهذه الحركة الخطيرة، فقاموا بهجوم مضاد، أوقع المسلمين بين نارين، مما أضاع عليهم ثمرة نصرهم، وأنزل بهم النكبة الموجعة.

وأعتقد أن حركة خالد ستكون فاشلة، لو أن المسلمين لم ينشغلوا بجمع الغنائم، وشدوا على المشركين واغتنموا فرصة الذعر والهلع الذي أصابهم (ساعة انهزمهم) فتابعوا مطاردتهم بنفس القوة التي ركبوهم بها عند أول الهزيمة، حتى يبعدوهم عن ساحة المعركة ولو لعدة أميال.

فلو أن المسلمين فعلوا ذلك لتمكنوا (على ما أعتقده) من القضاء على الجيش المنهزم، أو تشتيت شمله تشتيتًا كاملًا (على الأقل) ولتمكنوا (أيضًا) من الحيلولة بين جيش مكة وبين معرفة حقيقة حركة خالد.

لأن جيش مكة إذا كان على بعد عدة أميال لا يمكنه سماع صوت خالد، بل ولو سمعه (وهو على هذه المسافة من البعد) لما أمكنه أن يقوم بما قام به من الاستجابة السريعة لمشاركة خالد بن الوليد في عملية التطويق الناجحة.

وبهذا يسهل على المسلمين القضاء على حركة خالد (فيما لو قام بها)، لأن مائتي فارس منعزلين لا يمكنهم الصمود في وجه المسلمين (وخاصة عندما يكونون في أوج نصرهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>