للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنحت لهم فرصة تحقيقه (بعد الانتكاسة) وهو إنزال الهزيمة الساحقة بالجيشي الإسلامي.

وهكذا كان لثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحكمته وشجاعته الفائقة في تلك اللحظات الشديدة الحرجة، المقام الأول في تماسك الجند الإسلامي بعودة المنهزمين وإقدام المترددين إلى ساحة الوغى وصمودهم في وجه الجيش المكي الذي أعادوه خائبًا من حيث أتى، بعد أن كان سيد الوقف بعد حادثة الجبل.

قال مولانا محمد علي في كتابه (حياة محمد ورسالته) عند تعليقه على شجاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتضحيته وتعريض نفسه للخطر في سبيل إنقاذ أصحابه بعد الانتكاسة، قال:

فلم يكد ينظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد ينقض على المسلمين ويحتل الموقع الذي هجره الرماة حتى أدرك عظم الخطر المحدق بالجيش الإسلامي، ولم يكن أمامه في تلك اللحظات غير سبيلين اثنين، يستطيع انتهاجهما. إما أن يكفل سلامته الشخصية، بالشخوص إلى مفزع ما، تاركًا أصحابه لمصيرهم المقدور، وإما أن يناديهم مخاطرًا بنفسه لكي ينقذهم من الخطر، ولقد اختار السبيل الثانية (على ما فيها من مغامرة تعرض حياته للخطر) فصاح بأعلى صوته (هلموا إلي أنا رسول الله)، ولم يكد الصوت يبلغ آذانهم حتى التفوا كلهم نحوه وشقوا طريقهم إليه عبر صفوف العدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>