فقد تجرأ عليهم الأعراب، إذ همّوا بالإغارة على المدينة، وصار المنافقون واليهود (داخل المدينة نفسها) مصدر قلق وإزعاج للمسلمين وذهبت قريش تعد العدة لضرب المسلمين ضربة قاتلة في عقر دارهم.
وهكذا تحالفت المحن والبلايا ضد المسلمين من جديد - بعد معركة أُحد - كنتيجة للنكبة التي أصابت المسلمين في هذه الغزوة.
غير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - (أمام هذه المشاكل الخطيرة) لم يستسلم لليأس ولم يفت في عضده فداحة المصاب الذي نزل بجيشه في وقعة أُحد، بل سارع (في هداية النبي وحنكة القائد ويقظة الشجاع) إلى القيام بأعمال عسكرية حاسمة سريعة، كانت غاية في النجاح، أعاد بها النظام، واستعاد بها هيبة المسلمين وأمن قاعدتهم الكبرى (المدينة). فمن ناحية البدو المتحفزين للهجوم على المدينة، فقد سارع الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى تأديبهم وضربهم في ديارهم حيث جرد عليهم حملات عسكرية خاطفة، أوقعت بهم في منازلهم قبل أن يتحركوا منها نحو المدينة فشتت شملهم وخضد شوكتهم وملأ نفوسهم فزعًا ورعبًا.
أما اليهود الذين سارعوا (بعد معركة أُحد) إلى إثارة القلاقل وحبك المؤامرات ضد المسلمين فقد تنبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم وطهّر المدينة من رجسهم حيث سارع إلى نفيهم من المدينة، وهؤلاء اليهود، هم بنو النضير (١) الذين أجلاهم الرسول من يثرب بعد حصار دام عشرين
(١) بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع وكل يهود يثرب، هم من سبط لاوى بن يعقوب، ثم من ذرية هارون بن عمران أخو موسى عليهما السلام ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لصفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنين (وهي من أصل يهودي) تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن قتل زوجها (وهو من زعماء اليهود في معركة خيبر) قال لها صلى الله عليه وسلم لما ذكرت له كلامًا قالته فيها عائشة وحفصة رضي الله عنهما .. ألا قلت وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى؟