للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد ظهرت (في تلك الساعات الرهيبة الحاسمة) داخل الجيش الإسلامي نفسه قوة ثالثة أعلنت التمرد وظهر رجالها على حقيقتهم جبناء رعاديد يظهرون ما لا يبطنون، وهم المنافقون الذين أخنوا (في تلك اللحظات الحاسمة من ساعات المصير) ينسحبون من صفوف الجيش متذرعين بشتى الأعذار تاركين النبي - صلى الله عليه وسلم - والقلة من صفوة أصحابة في مهب العاصفة المدمرة.

وهكذا هزَّت المحن والبلايا جيش محمد، في غربالها بعنف من جديد فتساقط من ثقوب هذا الغربال من تساقط، من ضعاف الإيمان.

ولم يبق بجانب النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليالى الرهيبة المرعبة، إلا ذلك النوع من الرجال الذين عندما اهتز غربال المحن والبلايا كانوا أكبر من ثقويه فضاقت عن أن تستوعبهم فيسقطوا، لأنهم كانوا (بإيمانهم ويقينهم) أعظم من تلك المحن والخطوب وأكبر من البلايا والكروب، فقد ثبتت للك الصفوة المختارة من صحابة محمد - صلى الله عليه وسلم - مع نبيها العظيم - صلى الله عليه وسلم - أمام للك الخطوب والأهوال التي تنخلع لها القلوب، وقاوموا ذلك الغزو الساحق الرهيب، بصبر وجلد منقطع النظير حتى جاءهم النصر من عند الله فهزم الأحزاب، وجنت قريظة الغادرة ثمار غدرها وخيانتها فدفعت ثمن هذا الغدر والخيانة غاليًا، رؤوس ثمانمائة من رجالها قطعت بأيدى المسلمين بعد محاكمة عادلة نزيهة.

إن النظر بتفهم ووعى وتبصر في مواقف أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، من حوادث معركة الأحزاب الرهيبة مع التطبيق يمكن (بل يجب) أن يكون قاعدة لكل العقائد بين الذين يريد ون (صادقين لا متاجرين) أن يتحملوا مسئولية الدعوة إلى الله والنضال في سبيل إعلاء كلمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>