رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشاهد فيها قتال وخوف .. المريسيع وخيبر، وكنا بالحديبية وفي الفتح وحنين، لم يكن من ذلك أتعب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أخوف عندنا من الخندق (تعنى معركة الأحزاب)، وذلك أن المسلمين كانوا في مثل الحرجة (الشجرة الصغيرة الملتف عليها الشجر من كل ناحية) وأن قريظة لا نأمنها على الذرارى، فالمدينة تحرس حتى الصباح نسمع فيها تكبير المسلمين حتى يصبحوا خوفًا، حتى ردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرًا" أهـ.
٦
وبينما كان المسلمون في أمر عظيم من الكرب والشدة والامتحان إذا بحلفائهم يهود بنى قريظة (الواقعة منازلهم خلف خطوط الجيش الإسلامي) يعلنون - في خسة ونذالة - نقض العهد الذي بينهم وبين المسلمين، ويعلنون انضمامهم إلى جيوش الأحزاب الغازية، فيصبحون (وهم ما يقرب من ألف مقاتل) قوة ثانية مستعدة لضرب مؤخرة الجيش الإسلامي الصغير الذي لا يزيد عدده (في أصح، التقديرات) على ألف مقاتل، والذي قد وقف بأكمله لمواجهة عشرة آلاف مقاتل تهدده أمواجها بالغرق في كل لحظة.
وهكذا تضاعف الكرب وازداد البلاء على المسلمين واستحكمت فصول المحنة، ولم يقف الكرب والبلاءُ والامتحان عند هذا الحد، بل أبي الله (لحكمة يعلمها) إلا أن يبلغ الكرب والبلاءُ والامتحان بجيش المدينة الذروة.