إن هذه الآية (وهي تصف أهوال غزوة الأحزاب) تعبر في إيجاز أبلغ من التفصيل - أصدق تعبير عن مدى خطورة هذه الغزوة، ومدى ما تعرض له المسلمون فيها من عظيم الكرب وشدة القلق والخوف والفزع الذي بلغ بهم حد الاختناق.
لقد تحدث القرآن الكريم عن متاعب المسلمين في كثير من معارك التحرير الكبرى التي خاضها المسلمون بقيادة نبيهم الأعظم - صلى الله عليه وسلم - كبدر وأُحد وحنين، ولكنه لم يذكر أن حالة الجيش الإسلامي قد بلغت بهم من الكرب والشدة والرعب إلى الدرجة التي تحدث عنها في غزوة الأحزاب هذه.
فمعركة الأحزاب (إذن)، وإن لم يكن جرى فيها كبير قتال، هي (بشهادة القرآن الكريم) أخطر معركة في تاريخ الإسلام، وهي بحق معركة المصير.
إنها (فعلًا) لم تكن معركة فضل فيها الرمح والسيف، ولكنها كانت معركة أعصاب، كان السلاح الرئيسى الذي واجهه المسلمون فيها هو الخوف والرعب والقلق والإرجاف والانقسام والغدر والخيانة في الساعات الحاسمة.
وفاعلية هذا السلاح تكون في المعارك (غالبا) أشد من فاعلية السيف والرمح والسهم.
لقد أجمع المعنيون بأخبار معارك الإسلام على أن المسلمين لم يكونوا على درجة من الخوف والشدة والقلق والجزع والاضطراب، مثلما كانوا عليه في غزوة الأحزاب.
قالت أم المؤمنين (أم سلمة - رضي الله عنها): "شهدت مع