للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان الرسول القائد صلوات الله وتسليمه عليه أُسوة حسنة لأصحابه بأعماله لا بأقواله، وشتان بين الأعمال والأقوال، فلا موعظة في كلام لم يمتلئ من نفس صاحبه ليكون عملًا، ليتحول في النفوس الأُخرى عملًا ولا يبقى كلامًا.

ذلك هو الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم -، أما جنوده فكان أمرهم كله عجبًا.

آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار، فآخى مثلًا بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع رضي الله عنهما، فقال سعد لعبد الرحمن: "إني أكثر الأنصار مالًا. فأُقسم مالي إلى نصفين، ولى امرأتان فانظر أعجبهما إليك قسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها".

هذا مثال واحد للإيثار الذي كان نتيجة من نتائج هذا التآخي.

وفي الطريق إلى بدر، هتف متكلم المهاجرين: "والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى تنتهي إليه". وهتف متكلم الأنصار: "فامضںى يا نبي الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما بقى منا رجل واحد".

ويوم بدر، قتل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أباه، وكان أبو بكر رضي الله عنه مع المسلمين، وكان ابنه عبد الرحمن مع المشركين، وكان عتبة بن ربيعة مع قريش، وكان ولده أبو حذيفة مع المسلمين.

في هذه المعركة التقى الآباءُ بالأبناءِ، والإخوة بالإخوة! .

خالفت بينهم المبادئ، ففصلت بينهم السيوف! ..

<<  <  ج: ص:  >  >>