عندما اشتد الكرب وتأزمت الحالة، وتصويبنا لرأى الإمام ابن حزم يستند إلى الأمور المنطقية التالية:
أ- أن الجيش الذي اشترك في معركة أُحد (وهو كل القوة التي لدى الدولة في المدينة) لا يزيد على سبعمائة مقاتل، حيث لم يتخلف عن معركة أُحد من يقدر على حمل السلاح.
ب- من الموكد أن المدة بين معركة الأحزاب وغزوة أُحد لا تزيد على سنة واحد (١)، ولم تكن هذه السنة إلا فترة صراع مرير بين الإسلام والوثنية في جميع أنحاء الجزيرة العربية، وخاصة المناطق المحيطة بالمدينة.
جـ- لذلك يكون من المؤكد أن الداخلين في الإسلام (في تلك المدة) هم قليلون جدًّا، وعلى هذا يكون من المستبعد أن يرتفع عدد الجيش الإسلامى (في فترة الصراع العصبية تلك) من سبعمائة مقاتل إلي ثلاثة آلاف مقاتل.
(١) اختلف أصحاب المغازي والسير في تاريخ غزوة الأحزاب، فقال ابن إسحاق إنها كانت في شوال سنة خمس للهجرة، وبذلك صرح غيره من المؤرخين، ولكن الذي رجحه البخاري ومال إليه هو قول (موسى بن عقبة) إنها كانت في شوال سنة أربع للهجرة، وقد رجح الإمام ابن حزم ما ذهب إليه الإمام البخاري من أن هذه الغزوة كانت في السنة الرابعة، لا الخامسة، وقد استند الإمام البخاري ومن تبعه عى القول بأنها كانت سنة أربع، وبقول عبد الله بن عمر بن الخطاب الذين أرادوا الاشتراك في معركة أحد (وهي سنة ثلاث للهجرة) رد عبد الله بن عمر ولم يجزه لأنه كان ابن أربع عشرة سنة وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه (أي سمح له بالاشتراك في القتال لبلوغه) سن الرشد، فيكون (على هذا) بين غزوة أحد وبين الأحزاب سنة واحدة، وغزوة أحد كانت سنة ثلاث فتكون الأحزاب (بالتأكيد) سنة أربع، والله أعلم.