للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- مما يعضد الرأي الذي ذهب إليه ابن حزم هو أن المصادر التاريخية (كما في حديث حذيفة بن اليمان في البداية والنهاية) ذكرت أنه في الليالى الأخيرة الحاسمة من ليالى الخندق، لم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجه الأحزاب أمام الخندق سوى ثلاثمائة مقاتل أو نحوهم (١).

هـ- لو كان جيش المسلمين الذي ظل صامدًا في وجه الأحزاب طيلة ليالى الخندق، هو ثلاثة آلاف مقاتل، لما خاف المسملون ذلك الخوف الشديد الذي بلغ حد الزلزال وبلوغ القلوب الحناجر، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (٢).

ذلك أن نسبة المسلمين تكون (إذا كان جيشه ثلاثة آلاف مقاتل في غزوة الأحزاب) واحدًا لثلاثة تقريبًا، وهذه ليست أول مرة تكون فيها نسبة المحاربين المسلمين واحدًا لثلاثة من المشركين، ففي معركة أحد كانت النسبة أقل من ذلك، حيث كانت نسبة المسلمين واحد لأربعة من المشركين (تقريبًا) حيث خرج من المدينة سبعمائة مقاتل اصطدموا في العراء (حيث لا خندق ولا أبنية ولا حرار تحميهم) بثلاثة آلاف مقاتل فأنزلوا بهم في الجولة الأولى هزيمة منكرة كادت تكون ساحقة لولا غلطة الرماة.

فكيف (إذن) يبلغ الخوف والفزع بالمسلمين إلى تلك الدرجة وهم متحصنون داخل المدينة وكأنهم في قلعة منيعة، ونسبة محاربيهم واحد


(١) سيأتي حديث حذيفة بن اليمان هذا مفصلًا فيما يلي من هذا الكتاب إن شاء الله.
(٢) الأحزاب ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>