لثلاثة فقط من محاربى الأحزاب، وهي نسبة أكثر من نسبتهم في معركة أُحد التي قابلوا فيها جيش العدو، دون أن يشعروا بخوف أو فزع؟ .
فهل انخفضت نسبة الشجاعة والثبات والإقدام بين المسلمين بعد معركة أُحد، حتى يبلغ بهم الخوف والفزع إلى تلك الدرجة في معركة الأحزاب، ونسبة عددهم إزاء عسكر الأحزاب فيها أكثر من نسبته إزاء عسكر مكة في معركة أُحد؟ . . الجواب الصحيح هو النفي (قطعًا) فالمسلمون بعد معركة أحد لم يزدادوا إلا شجاعة وثباتًا وإقدامًا وتضحية.
(إذن) وقد ثبت أن الخوف والفزع قد بلغ بين المسلمين إلى درجة الزلزال وبلوغ القلوب الحناجر في غزوة الأحزاب لا بد من القول (أو الترجيح على الأقل) بأن مصدر ذلك الخوف والفزع الأساسي، هو أن المسلمين (على شجاعتهم) كانوا (لكثرة عدوهم وقلتهم) كالجزيرة الصغيرة التي يحيط بها البحر الهائج ويهددها بالابتلاع في كل لحظة، وأن كثرة العدو الغامرة الهائلة التي بلغت فيها النسبة واحدًا من المسلمين لعشرة من المشركين مع تربص اليهود وتوقع المسلمين منهم نقض العهد وضربهم من الخلف، مع إرجاف المنافقين داخل الجيش، هي السبب الأكبر في ذلك الخوف والفزع الذي انتاب المسلمين بصورة لم يسبق لها مثيل.
وعلى هذا لا بد من ترجيع القول الذي قال به الإمام ابن حزم، وهو أن جيش المسلمين الذي رابط وراء الخندق وصمد في وجه عشرة آلاف مقاتل من عساكر الأحزاب لم يزد على تسعمائة مقاتل.
ولا يستبعد أن يكون عدد الجيش الإسلامي أول الأمر- وعندما كان