للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبيلتى الأوس والخزرج بالحلف، حيث لجأ كل فريق من اليهود إلى قبيلة من قبائل الأوس والخزرج يتعزز ويمتنع بهم.

ومن ذلك اليوم صار بنو قريظة وبنو النضير ومن تبعهم حلفاء الأوس، وبنو قينقاع ومن تبعهم حلفاء الخزرج، فكان كلما نشبت حرب قبلية بين الأوس والخزرج، يكون بنو قريظة والنضير ومن تبعهم في صفوف الأوس، وبنو قينقاع ومن تبعهم في صفوف الخزرج.

وبهذا التحالف الذي اندمج فيه اليهود (قبليًا) بالأوس والخزرج، ضمن اليهود بقاءهم في منطقة يثرب، ولو لم يفعلوا ذلك لأبادتهم القبائل العربية عن آخرهم، طالما كان الاعتداء على اليهود سببًا في إثارة حرب طاحنة بين قبيلتى الأوس والخزرج نتيجة تحالف اليهود مع هذه القبائل. وما حرب بعاث الشهيرة الطاحنة التي دارت رحاها بين الأوس والخزرج قبل ظهور الإسلام بقليل، إلا لمحاولة قبائل الخزرج احتلال أراضى يهود بنى قريظة (حلفاء الأوس) وطردهم منها (١).


(١) يروى المؤرخون العرب أن عمرو بن النعمان البياضى الخزرجى قال لقومه بنى بياضه إن أباكم أنزلكم منزل سوء بين سبخة ومفازة، وإنه والله لا يمس رأسى غسل حتى أنزلكم منازل بنى قريظة والنضير على عذب الماء وكريم النخل، ثم أرسل لبنى قريظة والنضير إنذارًا قال لهم فيه: إما أن تخلوا بيننا وبين دياركم نسكنها وإما أن نقتل رهنكم (وكان لديه من هؤلاء اليهود أربعين غلامًا رهائن) فانزعج اليهود وخافوا خوفًا شديدًا وهموا بترك منازلهم لقبائل الخزرج، إلا أن سيدهم كعب بن أسد زجرهم وحال بينهم وبين ذلك وطلب منهم الصمود وعلم حلفاؤهم (الأوس) فوقفوا إلى جانبهم ضد قبائل الخزوج، حتى إن رجالا من الأوس نزلوا مع اليهود في حصونهم ليدافعوا معهم عنها إذا حاول الخزرج الاعتداء عليهم، وهكذا انتقل النزاع من نزاع ضيق بين اليهود والخزرج إلى نزاع رئيسى مسلح بين الأوس والخزرج، نشبت فيه معركة بعاث الشهيرة التي كان النصر فيها للأوس وحلفائهم من بنى قريظة والنضير على الخزرج والتي كاد الأوس فيه يستأصلون شأفة إخوانهم الخزوج ويهدمون دورهم- دارًا دارً لولا أبو قيس بن اسلت- أحد قادة الأوس- الذي منع قومه من عملية الإبادة التي اعتزموا القيام بها ضد إخوانهم الخزوج بعد انهزامهم في تلك المعركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>