الأعراب الوثنيين الذين عايشوا اليهود طيلة للك القرون الطويلة وخاصة في منطقة يثرب وخيبر ومناطق الشمال الأخرى التي كانت مركز الثقل ومناطق التجمع الرئيسية لليهود الإسرائيليين الدخلاء حتى ظهور الإسلام.
فلم يذكر التاريخ أن هناك (في خيبر ويثرب والشمال) قبيلة أو حتى عائلة عربية واحدة اتخذت من اليهودية دينًا لها (١).
ولو حدث شيء من هذا لأشار إليه الإخباريون الإسلاميون الذين عنوا بتاريخ أحداث الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، كما أشاروا إلى تاريخ اليهود في جميع النواحي بهذه المناطق، بل إن التاريخ ليؤكد أن أعراب هذه المناطق (عمومًا) ظلوا على وثنيتهم حتى جاء بدين الإسلام فدخلوا فيه جميعًا.
وهذا لا يعني أن أحدًا من الأعراب لم يدن باليهودية على الإطلاق في هذه المناطق، بل ذكر المؤرخون أن هناك أعرابًا دانوا بذلك الدين إلا أنهم قليلون جدًّا بحيث لا يزيدون على اثنين في المائة من مجموع أعراب يثرب وخيبر والمناطق الشمالية التي كان اليهود مستقرين بها. ولهذا فإن اسم زعيم أية قبيلة عربية لم يبرز بين أسماء زعماء اليهود عند ذكر الأحداث المهمة التي تستوجب ذكرهم سواء قبل الإسلام أو بعده، اللهم إلا كعب بن الأشرف الطائي الذي برز ذكره كزعيم من زعماء اليهود، ومرد ذلك ليس
(١) اللهم إلا ما حدث لبني حشنة بن عكارمة (وهم من بلى) الذين ألجأتهم الظروف إلى اعتناق اليهودية في تيماء، فقد ذكر البكرى في معجمه ج ١ ص ٢٩، أن نفرًا منهم قتلوا عددًا من بنى الربعة ثم فروا إلى تيماء وكانت معقل اليهود قبل الإسلام، فأبت يهود أن يدخلوهم حصونهم حتى يتهودوا ففعلوا اضطرارًا.