بينما كان المسلمون على العكس من ذلك، ليس لديهم أية نية مبيتة لإبادة هؤلاء اليهود، حتى بعد أن اتضحت نواياهم السيئة ضدهم.
ولو كان لدى المسلمين شيء من هذا لأبادوا اليهود في الشهور الأولى التي دانت لهم فيها يثرب بأكملها، وصاروا قادرين (بكل معاني هذه الكلمة) على استئصال شأفة هؤلاء اليهود دون أن تستطيع قوة في الأرض الحيلولة بينهم وبين ذلك.
ونحن نستمد تأكيدنا لهذه الحقائق من تصرفات المسلمين إزاء هؤلاء اليهود، فقد استسلمت قوات بنى قينقاع وبنى النضير للمسلمين في حوادث النزاع المسلح بعد حصار لم يدم في كلتا الحالتين أكثر من شهر واحد.
فكان باستطاعة المسلمين أن يبيدوا هؤلاء اليهود المستسلمين - بكل سهولة - لو أنهم كانوا يبيتون لهم هذه الإبادة، ولكنهم لم يفعلوا لأن هذه النية لم تكن مبيتة لديهم، حيث اكتفوا بنفي هؤلاء اليهود من منطقة يثرب فحسب.
أما اليهود (كما قلنا) فقد كانوا يبيتون العزم على قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - واستئصال شأفة المسلمين، لو أنهم وجدوا إلى ذلك سبيلًا، إلا أن الحظ لم يكن حليفهم في كل محاولاتهم الخبيثة.
وأعتقد (جازمًا) لو أن اليهود ظفروا بالمسلمين كما ظفر المسلمون بهم في حادثتي حصار بنى قينقاع وبنى النضير لما ترددوا لحظة في إبادتهم عن بكرة أبيهم.
لقد كان انتصار المسلمين في معركة بدر الكبرى (كما قلنا)،